توحدت مشاعر أتباع الديانات السماوية (الإسلامية، المسيحية، اليهودية ) في رفضها العدوان الإسرائيلي على غزة، فكانت صفوف المؤمنين وأصواتهم المعترضة بطهارة مقدسة على قتل الأطفال وتشريد الأسر مشهداً من مشاهد التعايش مع الحق ومن أجل الحق... فرب البشرية الواحد أمر بأن يكون ضمير الحق واحداً. فسبحان الذي أحل النسب والزاد بين عباده المؤمنين برسالاته السماوية وله الشكر على هذه المشاهد المتوحدة بالخير والمتنكرة للشر وأصحابه. هذه المشاهد جعلتنا نفصل بين مؤمن ومتطرف في كل الديانات، ونجتمع برحمة مع كل من قال ربي الله واستقام بحق. لا يمكننا أن نوحد البشرية على دين عالمي واحد ولكننا مع ثقافة دينية إنسانية عالمية، ثقافة تتناسب مع التعدد والاختلاف التي هي من سنن الرحمن في الأرض، غزة أعادت لنا تاريخ التعايش السلمي بين الأديان أعادته كتجسيد لحركة الفعل وليس خطاباً في ندوة أو توصية في دراسة، سمعنا كثيراً من قصص تارخية عن أشكال التواصل بود بين أصحاب الديانات المختلفة، وأصبحنا نستدعيها في حروب الإنسان ضد الإنسان كحكاية حدثت بالتاريخ وبقيت في الماضي فجاءت غزة بكل إيمان وتضحية لتقول: إن ما كان يحدث في التاريخ ليس حكاية انقطعت، بل روح إنسانية مستمرة باستمرار الكون، المشهيد العظيم أو سيد المشاهد هو فتح مسيحيي غزة كنائسهم أمام المسلمين ليؤمنوا ويناجوا ربهم فقالوا للمسلمين: "إن هدمت مساجدكم تعالوا ارفعوا الآذان من كنائسنا" موقف تاريخي لن يغيب عن ذاكرة المسلم ولن يكتب إلا بشرف وإشادة لمن سنه، مسيحيو غزة قالوا لمسلميها إن إسلامكم لكل زمان وكل مكان، لا تمنعه تفجيرات ولا قتل ولا هدم وآذانكم سيرفع إلى أن تقوم الساعة. في الجانب الآخر داعش تطرد المسيحيين من ديارهم وتهدم دور عبادتهم في العراق باسم الإسلام، منتهى الاحتقار للاختلاف والبشر وعبادات البشر وأراد أشرار داعش تغييب الدين عن الدين، فامتداد الوجود المسيحي على طول الزمن الحضاري في العراق قبل الإسلام وبعده هو حقيقة وتعاقب الدول الإسلامية على العراق لم يغير شيئاً بحقيقة وجود مسيحييه انتماء ومواطنة وديناً، فماذا تريد شياطين داعش أن تقوله للبشرية؟ الإسلام يرفض التعايش مع الديانات المختلفة؟ هل تريد أن تعطل صلاحية الزمان ومكاناً في الدين الإسلامي؟ لذا وجب أن لا تسمى داعش بالدولة الإسلامية، بل باسم مشروعها السياسي الخبيث والعميل، جماعة العنف أو المرتزقة حلفاء استخبارات الدولة كذا والدولة كذا، مثل هذه الحقارة يجب أن ينزع منها صفة الإسلام، ولعل في هذا دعوة لعلماء الدين بأن يكون لهم موقف فقهي وشرعي من هذه الجماعات المأجورة، يقول لنا هل هي كافرة منحرفة عن الشرع أو ماهي بالضبط صفتها الدينية؟ وإن عز الرد فقد استفتيت قلبي كما أمرني المصطفى عليه السلام فرأيت أنها جماعة بلا دين أو عقل أو عاطفة. من هذا البلد الذي جعل التعايش السلمي بين الأديان والثقافات له منهجاً وتواصل باحترام وإيمان مع كل دين أو ثقافة مختلفة، نرفع التحية لمسيحيي غزة المباركة على هذا الموقف النبيل.