في بداية كل سنة دراسية يعاني الطلاب والطالبات كثيراً، كالعادة، من اختيار التخصص، بداية بالمرحلة الثانوية حين يتسلط الأهل عموماً والوالدان خصوصاً ويفرضون قراراتهم حول التخصص الذي يجب أن يختاروه «الأدبي، أم العلمي» متجاهلين وبشدة رغبات أبنائهم فيما يريدون طبقاً لمهاراتهم، وما تتوق إليه أنفسهم، حيث يصغي الأهل في هذه الأثناء إلى نصائح جيرانهم وأصدقائهم فقط حول واقع الحياة «الممل»، ويكملون تسلطهم أثناء اختيار التخصص الجامعي الذي يحدد وبشكل كبير مستقبل أبنائهم المهني. الأسباب باتت محفوظة ومتكررة عند أغلب الأسر، فالرياضيات تخصص يضمن الوظيفة، وأفضل من الفنون التي ليست سوى لعب بلعب! والطب مختلط ومرفوض، والقانون للفتاة «إن شِئت فادرسيه، ولكن لا تحلمي في تطبيقه»، والإعلام ضياع وقت وهباء، والهندسة للرجال، والإدارة أجدر وأفضل من الآداب في الدراسة، وأنت لن تكمل دراستك في الخارج، لأن أهلك قد يحتاجون إلى أن تعاونهم! يتعامل الأهل بأنانية مفرطة مع أبنائهم فالدراسة في الخارج ليست سوى بضع سنوات تمر بسرعة ويعود الأبناء إليهم ليعمروا الأرض، ويقوموا ببنائها، وتكمن المشكلة في أن الأهل يظنون أنهم بأنانيتهم هذه إنما يحفظون أبناءهم ويساعدونهم على بناء مستقبلهم وهم في واقع الحال يهدمون كل أحلامهم. مع الأسف يلتزم الأبناء الصمت، ويدرسون بأرواح مكسورة وتائهة وبعيدة عن الإبداع والتميز، يدرسون فقط من أجل الدراسة، وتحقيق رغبات أهلهم التي تكون في بعض الأحيان أحلاماً لم يستطع أحد الوالدين تحقيقها. يقول الأهل إنهم أعرف بمصلحة أبنائهم ومستقبلهم، ولا يعلمون أن المستقبل يكمن داخل أرواح أبنائهم فمطاردة المستقبل والحلم تأتي من الداخل وليس من الخارج. ختاماً وقبل بداية العام الدراسي أقول لكل شاب وفتاة: طاردوا أحلامكم ولا تتخلوا عنها فهذا مستقبلهم، ولن تعيشوا إلا مرة واحدة لتحقيق رغباتكم، يجب أن تختاروا ما تريدون وتنطقوا بما تحبون، عليكم أن تعلموا أن صمتكم وخضوعكم ضياع لكم، عليكم أن تعلموا أن من حق الأهل عليكم النصح فقط، وليس اتخاذ القرار.