تواصَل أمس التنديد الدولي بتشكيل الانقلابيين في اليمن ما سمُّوه «مجلساً سياسياً أعلى لإدارة شؤون البلاد»، في وقتٍ اجتمع الوفد المفاوِض عن الحكومة الشرعية بسفراء مجموعة ال 18. واعتبر الاتحاد الأوروبي ما أعلنه الحوثيون وحليفهم علي عبدالله صالح أمس الأول عملاً استفزازياً يتنافى مع مسار مشاورات السلام التي تستضيفها الكويت. ودعا متحدثٌ باسم الاتحاد، في تصريحٍ نقلته وكالة الأنباء الكويتية «كونا»، جماعة الحوثي والفرع الموالي لصالح في حزب المؤتمر الشعبي العام إلى الامتناع عن جميع الأعمال الأحادية، التي تنتهك المبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة خصوصاً القرار 2216 / 2015م. وحذَّر المتحدث، الذي طلب عدم نشر اسمه، من أن هكذا أعمال قد تقوِّض بصورةٍ كبرى فرص التوصل إلى تسوية سياسية دائمة وشاملة. ولاحظ قائلاً «في الوقت الذي نشهد فيه تصاعداً للأزمة في الأيام الماضية؛ فإنه من المهم للغاية في هذه المرحلة أن تنخرط جميع الأطراف بحسن نية من أجل التوصل إلى تنازلات صعبة دون أعمال استفزازية». وفور إعلان الحوثيين وصالح الخميس تشكيل ما سمّوه «مجلساً سياسياً أعلى لإدارة شؤون البلاد»؛ اعتبرت الحكومة الشرعية أن مشاورات الكويت تلقَّت «رصاصة»، محمِّلةً المسؤولية على المتمردين الذين اتهمتهم بتنفيذ انقلابٍ جديد. وفي تصريحه؛ شدَّد المتحدث الأوروبي «التوصل إلى تسويةٍ سياسيةٍ شاملةٍ متفاوَضٍ بشأنها في إطار قرارات مجلس الأمن هو السبيل الوحيد لاستعادة سلطة الدولة وإتاحة التحرك بشكل حاسم لمكافحة الجماعات الإرهابية وتقديم المساعدات لتخفيف معاناة الملايين من المدنيين». وأشار المتحدث إلى استمرار الاتحاد الأوروبي وجميع شركائه الدوليين في دعم الجهود التي يبذلها المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، خلال المفاوضات. ونقلاً عن «مصادر مطلعة»؛ كتب موقع «المشهد اليمني» الإخباري أن وفد الحكومة الشرعية طلب إنهاء مشاركته في مشاورات الكويت؛ خلال اجتماعه عصر أمس بسفراء مجموعة ال 18 الداعمة للمبادرة الخليجية. و»طلبُ الحكومة جاء بعد إعلان المتمردين الحوثيين وصالح تشكيل مجلس لإدارة شؤون البلاد»، على ما أفادت المصادر. وأبلغَ وفدُ الشرعية سفراء مجموعة ال 18 بأن الاستمرار في المشاورات بات مضيعةً للوقت «بعدما تبيَّن أن وفد الحوثيين وصالح في الكويت غير مخوِّل بإبرام اتفاق، إذ إنه يتفاوض في اتجاه بينما يقوم رؤساؤه بإعلان تشكيل مجلس رئاسي يتعارض تماماً مع الالتزامات التي وقَّع (وفد المتمردين) عليها»، بحسب تقرير «المشهد اليمني». ولاحظ الوفد الحكومي أن «الكرة الآن في ملعب الأممالمتحدة، ففي حال اتخذت إجراءاتٍ صارمةٍ ضد وفد المتمردين كإصدار إنذارٍ بحقهم أو وضع شروطٍ جديدةٍ عليهم أو أخذ تعهداتٍ إضافيةٍ منهم؛ فإن ذلك سيفتح الباب أمام ضغوط دولية أكبر على الحوثيين ما سيدفعهم إلى توقيع اتفاق (سلام) قابل للتطبيق، وبذلك تكون هناك جدوى للاستمرار في المشاورات». «أما في حال اكتفت الأممالمتحدة ببيان الشجب الذي أصدرته الخميس؛ فإن الاستمرار في التشاور غير مجدٍ»، وفقاً لما نُقِلَ عن الوفد الحكومي. ولفت «المشهد اليمني» إلى اعتزام ولد الشيخ أحمد عقد اجتماعٍ بوفد الحوثي- صالح، فضلاً عن اجتماعاتٍ بعددٍ من السفراء لدى الكويت «خلال الساعات المقبلة قُبيلَ موعد انتهاء المشاورات بعد 48 ساعة». وتطابَق ما رشح عن اجتماع ممثلي الحكومة بسفراء مجموعة ال 18 مع ما غرَّد به نائب مدير مكتب رئيس الجمهورية، الدكتور عبدالله العليمي، عبر موقع «تويتر». وعدَّ العليمي، وهو عضو وفد الشرعية أيضاً، الإعلان الصادر عن الحوثي وصالح تحدياً للمجتمع الإقليمي والدولي ولقرارات مجلس الأمن وانقلاباً صريحاً على المبادرة الخليجية وكافة ثوابت العملية السياسية. ورأى أن المشاورات انتهت. وذكَّر بأن الحكومة تحدثت سابقاً عن عدم احترام الميليشيات الاتفاقات والعمل السياسي «ولقد أثبتت الميليشيات صحة أقوالنا». وكتب العليمي «الميليشيات بهذه الخطوة أطلقت الرصاصة الأخيرة ليس فقط على مسار المشاورات، بل على مستقبل العملية السياسية برُمَّتها، وعليها تحمُّل تبِعات ذلك». واعتبر إعلانَ ما سمَّاه الانقلابيون «المجلس الأعلى» كشفاً عن الوجه الحقيقي لتحالف الانقلاب «فما كان تحت الطاولة وفي الغرف المظلِمة؛ صار يُعلَن عنه ببجاحةٍ وقبح»، مثنياً على جهود الكويت خلال المشاورات. وفي بيانٍ مطوَّلٍ لها مساء الخميس؛ وصفت الحكومة الشرعية طرفي إعلان ما سُمِّيَ «المجلس الأعلى» بفصيلين غير شرعيين. وندد البيان بغطرسة الحوثيين وصالح وصلفهم وعدم احترامهم الأممالمتحدة أو المجتمع الدولي أو الدول الراعية للمشاورات. ورأت الحكومة أن «الاتفاق المعلن بين فصيلين غير شرعيين، يكشف النوايا الحقيقية لدى الميليشيا الانقلابية، التي نبَّهت منها الشرعية ووفدها التفاوضي، إذ حذرت مراراً وتكراراً من أنهم يستغلون مشاورات السلام كتغطيةٍ لحرف الانتباه عن تحركاتهم الأساسية للمُضيّ في حربهم العبثية وانقلابهم المرفوض شعبياً ودولياً». وكانت المشاورات بدأت في النصف الثاني من شهر أبريل الماضي. لكنها لم تسفر عن تقدُّم يُذكَر في ظل امتناع وفد المتمردين عن التسليم بمرجعيات الحل السياسي المفترض. وشددت الحكومة «يتحتَّم على الأممالمتحدة ومبعوثها الخاص السيد إسماعيل ولد الشيخ أحمد والمجتمع الدولي الوقوف أمام ذلك بجدية وحزم، حتى لا تكون القرارات الملزمة (قرار مجلس الأمن 2216 الصادر تحت الفصل السابع) مجرد حبر على ورق». وكان المبعوث الأممي وصف الخطوةَ الصادرةَ عن الحوثيين وصالح بأنها انتهاكٌ صارخ لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 لسنة 2015. وذكَّر، في تصريحٍ مساء أمس الأول، بأن القرار يطالب الحوثيين خصوصاً بالامتناع عن اتخاذ مزيدٍ من الإجراءات الانفرادية التي قد تقوِّض عملية الانتقال السياسي. إلى ذلك؛ أفاد موقع «المصدر أونلاين» الإخباري اليمني بأن الجيش الوطني الموالي للشرعية أمهل عناصر القاعدة وداعش، الموجودِين في حضرموت، أسبوعين لتسليم أنفسهم إلى السلطات الأمنية والعسكرية في المحافظة الواقعة شرقي اليمن. ونقل الموقع عن مصدر عسكري «رفيع» أن المنطقة العسكرية الثانية التابعة للجيش الوطني في المحافظة أمهلت عناصر القاعدة وداعش الإرهابيَّين ومن يتعاون معهم أسبوعين لتسليم أنفسهم. وذكر أن المهلة الممنوحة هي ضمانٌ من السلطات العسكرية لهؤلاء العناصر بالعفو عنهم وعدم ملاحقتهم بعد النظر فيما قاموا به. جنوباً؛ اعتقلت قوات الأمن في العاصمة المؤقتة عدن عدداً من المشتبه في صلتهم بهجومٍ على دارٍ للمسنين وقع في مارس الماضي وأسفر عن مقتل 16 شخصاً على الأقل بينهم 4 راهبات هنديات. ولفت بيانٌ للمتحدث الأمني في عدن، مساء أمس الأول، إلى اعتراف أحد المشتبه بهم بضلوعه في الهجوم. وكان 4 أشخاص زعموا أنهم في زيارة لوالدتهم اقتحموا مبنى دار المسنين وفتحوا النار، كما تم اختطاف قس هندي لا يزال مصيره مجهولاً. ولم يُعرَف الدافع وراء الاعتداء الذي وصفه الرئيس، عبد ربه منصورهادي، بالعمل الإرهابي. ووصف المتحدث الأمني من تم اعتقالهم ب «عصابة». لكنه لم يدل بتفاصيل عن عددهم أو دوافعهم، مؤكداً استمرار البحث عن مزيدٍ من المشتبه بهم. وعدن هي العاصمة المؤقتة لليمن منذ أكثر من عام بعدما احتلت ميليشيات (الحوثي- صالح) العاصمة صنعاء.