أحبتي القراء: إن الحب بين الزوجين هو العمود الفقري، الذي تنتصب عليه قامة الحياة الزوجية وهي كلمة جميلة تغنى بها الشعراء في دواوينهم. ودون توفر الحب تصبح الحياة الزوجية صحراء جرداء لا ثمر فيها ولا استقرار.. والحب في الحياة الزوجية يجب أن يكون من ذلك النوع الهادئ، وليس الحب المتأجج بالانفعال، فالانفعال لا يستمر، وسرعان ما يزول، أما المحبة الصادقة العميقة، فإنها تستقر في قرار ثابت متين يزيدها لمعانا، وتصبح أكثر عمقا وأكثر ثباتا.. فالمشاعر الزوجية هي قمة الإحساس بالحب الإنساني، وكذلك فإن الحب بين الزوجين إطار محدد لا يعيش فيه إلا الزوجان، وهذا الفارق الجوهري بين الحب الإنساني عموما، وبين المشاعر الزوجية قد بينه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله من ناحية الزوجة: إن للرجل في المرأة شيئاً ليس إلا له ومن ناحية الزوج لزوجته فقد وضح عندما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أحب الناس إليه فقال (عائشة)..قالوا من الرجال قال: (أبوها). فالحب بين الزوجين أن يكون الزوج أحب الناس إلى زوجته والزوجة أحب الناس إلى زوجها، وهذا يختلف عن مجرد الحب المتبادل الذي يكون بين الناس.. والحب بين الزوجين ليس مجرد سبب لقيام العلاقة الزوجية فقط، بل إن العلاقة الزوجية تعتبر مصدرا ذاتيا لهذا الحب. وهذا معناه أن مشاعر الحب تزداد بين الزوجين باستمرار هذه العلاقة، وهذا هو الذي جعل الحب سبباً أصلياً لحماية العلاقة الزوجية. ولذلك حين جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تطلب الطلاق من زوجها، ولم يكن بينهما فترة تكفي لتحقيق المودة القوية، فرفض رسول الله هذا الطلاق قائلا: (لا حتى تذوقي عسيلته، ويذوق عسيلتك). وتذوق العسيلة هو الجماع وهو أقوى منابع الحب إذا كان سليما في العلاقة الزوجية، وأخطر أسباب الفشل في تلك العلاقة إذا كان خطأ.. بدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم أقر امرأة أخرى على الطلاق من زوجها لما فشلت بينهما المعاشرة الجنسية؛ إذ قالت المرأة: يا رسول الله إن فلاناً لا أعيب عليه خلقا ولا دينا، ولكن أكره الكفر بعد الإيمان… وفي رواية أخرى عللت طلب الطلاق مباشرة بهذا الفشل الجنسي..). قرائي الأكارم: إن من حقائق الحياة أن كل زوجة لا تريد الملابس الجميلة ولا المجوهرات والمال، بقدر ما تزيد الحب والتفاهم والصدر الحنون، الذي تستطيع أن تستند برأسها إليه، تماما كما كانت تنام على صدر أمها وهي طفلة، ولذلك بالحب تستطيع المرأة أن تعيش بخيمة إذا كان الرجل صادقا بحبه، فبالحب نضحي.. نعمل.. نتعاون.. نتسامح.. نتغاضى عن زلاتنا، ولعلكم بعد ذلك عرفتم معنى الحب الذي أقصده، وهو المودة والرحمة، وهذا هو الحب الحقيقي. والسؤال المهم الذي يطرح نفسه: كيف أحصل على هذا الحب؟ والجواب: ارجع إلى أعظم بيت وهو بيت الحب في بيت النبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث تجدون ما يسركم ويشفي غليلكم.