ما قبل القاعدة وداعش وما بينهما من بوكو حرام، ونصرة. كانت دعوات التطرف والقتل والعنصرية قد خرجت عن واحد من أهم أعمدة لبنان الثقافية والأدبية الكاتب والأديب اللبناني المثير للجدل «سعيد عقل» صاحب فتوى «على كل لبناني أن يقتل فلسطينيا»، وهو من دعا «مناحيم بيجن» رئيس سلطة الاحتلال الصهيونية في فلسطين ب»البطل» لدخول لبنان وتنظيفه من الفلسطينيين ومات على هذا ولم يعتذر. كتابات سعيد عقل في عصره كانت تعبيراً واضحاً عن أبشع مظاهر التطرف والدعوة للإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين، كانت دعوة لانتزاع لبنان من جذوره العربية ومثلت منتهى العنصرية النازية ل «لبننة لبنان». لكن ما إن يصحو «عقل» سعيد من سكرته وعنصريته تلك حتى يعود إلى جذوره العربية ونبضه الشامي. فيقول في قصيدة «بالغار كُلّلت» يا شامُ، لبنان حبي غير أنيَ لو توجَّعُ الشام، تغدو حبيَّ الشامُ، مابين حب عقل للشام ودعوته لقتل الفلسطينيين وتحريض «جبران» يغدو اللبيب حيران. ما يريد السوريون الاحتفاظ به في ذاكرتهم الجمعية عن لبنان وأهله روائع سعيد عقل وماغنت فيروز، وليست تلك الفقاعات الصوتية «جبران باسيل، حسن نصرالله» التي تخرج علينا بين الفينة والأخرى تشكك وتنعت الثوار السوريين بالخيانة تارة وبالعمالة تارة أخرى وبالتكفير مرات عديدة بتناغم تام بين النقيضين أعداء الأمس حلفاء اللحظة الحالية. قد يستغرب أو يعتب علينا بعضهم بأننا نستشهد بكتابات سعيد عقل وهو من دعاة التطرف والعنصرية بالسهل الممتنع، نقول نحن أخذنا أجمل مافي سعيد عقل ولبنان وترفعنا عن شطحات شاعر في لحظة جنون، وهرتقات مراهق سياسي بمنصب وزير.بينما يصر بعض اللبنانيين على أن يأخذوا بحزم أسوأ ما في سعيد عقل ويجعلوا منه لواءً لعنصريتهم وفاشيتهم. في الأثناء يستطع الوزير «جبران باسيل» وحلفاء اليوم «حزب الله» أعداء الأمس أن يترعوا ملء كؤوسهم ويشربوا نخب انتصارهم الفاشي العنصري على اللاجئين السوريين المستضعفين في أرض لبنان، ويجدوا لهم من يبرر فعلتهم هذه من إعلاميين ونخب سياسية مزيفة، وأقلام مأجورة تحت عنوان محاربة الإرهاب وتسويف ماكان وسيكون دفاعاً عن النفس وتحقيق الأمن للمواطنين. قد نستطيع أن نتفهم المواقف الملتبسة الأخيرة لبعض الإعلاميين، المدفوعة بشحنة وطنية عاطفية ربما يشعر بها معظمنا وغضبهم لوصف فئات لبنانية بأنها مارست العنصرية بحق اللاجئين السوريين، وذلك لسابق مواقفهم المتقدمة لنصرة الثورة السورية وانتقادهم اللاذع لتدخل حزب الله في سوريا دعماً لنظام دمشق وانتقادهم أيضاً موقف البطرك اللبناني من الثورة السورية. وسنعمل بمبدأ الحسنات يذهبن السيئات. ويستطيع أنصار «باسيل وحسن نصر الله» أن يحتفلوا في نشوة انتصار وهمي ويمتعوا أبصارهم وأسماعهم بمتابعة التغريبة السورية «المؤقتة» وهم على الأرائك مُتَّكِئُونَ تحت مبردات الهواء في غرفهم الفارهة وينظرون علينا بشعارات جوفاء من قبيل «مابدنا في لبنان غير الشعب اللبناني» ومخاوف التغيير الديموغرافي لخارطة الكيان اللبناني القائم على إقطاعيات ومناصب متوارثة كما هو حال حليفهم في دمشق بشارالأسد الذي ورث سوريا والسوريين عن أبيه. وبما أن السياسة وقحة قليلة أدب نستطيع أن نفهم كيف تحول حلفاء طريد حافظ الأسد «ميشيل عون» إلى جوقة تتراقص على أصوات هدير الطائرات ودوي مدافع جيش الأسد، التي كانت بالأمس القريب مصوبة على قصر بعبدة حيث كان يقيم «عون» الذي فرمنه مذعوراً طريداً لتتلقفه السفاره الفرنسية في بيروت ثم ليصبح بطل الاستقلال اللبناني عن الاحتلال الأسدي بعد أن أجبرت ميليشيا الأسد على الخروج من لبنان. قد يقول متقول «عون» وفا بعهده حين قال لو انسحبت القوات السورية من لبنان سننسج مع سوريا أفضل العلاقات، ونرد عليه بالقول إنك لاتنسج علاقات مع سوريا الوطن والإنسان، أنت تنسج وتدعم قاتلاً سرق السلطة بدبابة أبيه التي كانت فوهاتها موجهة لنحوركم قبل أن توجه إلى صدور السوريين. ونذكر أنصار عون وباسيل في لقاء مع طلاب المدارس في التيّار الوطني الحرّ خلال مؤتمرهم السّنوي الثالث بتاريخ 5 نيسان 2003، وردًا على سؤال من أحد الطلاب حول اعتبار الولاياتالمتحدة الأمريكيّة حزب الله منظمّة إرهابيّة، قال عون: لقد سبق ودعوته إلى حلّ ولست مستعدًّا أن أتحمّل نتائج السّياسة التي يتّبعها وارتباطاته الخارجيّة، لقد نصحتهم بأن يتخلوا عن عملهم العسكري، وأن يعودوا حزبًا سياسيًّا فنهنئهم عندها على تحرير الأرض اللبنانيّة. هنا نطرح سؤالاً على السيد ميشيل عون وأنصاره، ما الذي تغير وهل رد عليكم حزب الله فيما طلبتم وعما تساءلتم أم إن وعودا واهمة في دعم عودتكم لقصر بعبدة كانت كافية لتغيير كل المبادئ «إن وجدت» ويستحق هذا أن تدفن رؤوسكم في مزابل التاريخ من أجل إرضاء غريزة السلطة التي مازلتم بها حالمين. وتعلمون علم اليقين أن الوصول إلى قصر بعبدة أكبر من حزب الله وأكبر من الكيان اللبناني نفسه، إلا إذا أردتم منا أن نصدق بأن رئيس لبنان يصنع في لبنان. ننصحكم بوقفة صادقة مع قصائد «سعيد عقل» في الشام واستنباط العبر منها ففيها بيان وتبيان، لأمراضكم العنصرية أفضل لكم من اللهث وراء أوهام الأسد ومحاصصاتكم الإقطاعية التي يفصل بينها وبين الديمقراطية طوْد عظيم. رحل سعيد عقل لكن كلماته بحق الفلسطينيين لم ترحل وجعل منها بعض العنصريين المتمسحين بالغرب اللاعقين حذاء إيران منها مشعلاً يضيء لهم ماعشعش في ظلمات قلوبهم من نازية ونفضوا عنهم ما أبدع عقل من بليغ الكلام وصدحت به فيروز من تراتيل السلام. نقول «للوزير وللعماد» رغم أن سعيد عقل وصل إلى مرحلة غير مسبوقة من التطرف الفكري والعنصري «الفينيقية» لكنه رفض أن يقال عنه طائفي تلك التهمة المعلبة التي تكيلونها وأنصاركم الحزبلاويون للاجئين السوريين. وتحميلهم نتائج فشلكم السياسي على كل صعيد. برغم عنصرية وفاشية بعضهم ستظل الأجيال في سورياولبنان تردد ما غنته فيروز من كلمات الأخوين رحباني، «ومازال الليل سكوت وبعدك بتحنّ إن ماسهرنا في بيروت منسهر بالشام».