يمرُ الهلال بِمراحل عدَّة لِيكتمل بدراً، وكذلك هي العبادات على اختلافها تسمحُ للإنسان بِالمرور عبرها وخلالها لِيصل لِمرحلة الكمال. إن الصلاة، الزكاة، الدَّعاء، تلاوة القرآن، الحج.. الصَّوم وجميع العبادات جاءت لِتصبَّ فِي نهر الكمال فِي مجرى الوصول لله عزوجل، ولعلَّ الصوم مِن بين تلك العبادات الَّذي ارتبط ارتباطاً وثيقاً بِكتاب الله عزوجل، رُبما لأنه أُنزِل فيه أو لأن عبادة الصَّوم جاءت وجوباً فِي الشَّهر الوحيد الَّذي ذُكر فِي القرآن ﴿شَهْرُ رَمَضانَ الَّذي أُنْزِلَ فيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقان﴾. لكل عبادة تأثيرها المعنوي، النَّفسي أو المادي على العامل بِها أو المحيط مِن حوله، ولعلَّ الصيام يحملُ تأثيراً وبهاءً عَلى الصائم ثُمَّ جاء لِيشمل المحيط مِن حوله أيضاً، فَالسكينة الَّتي تُصبُّ فِي قلب الصائم صياماً حقيقاً والآيات الَّتي يَكثر مِن قراءتها المؤمنون فِي هذا الشَّهر الفضيل لِقداستها تعود عَلى المجتمع بِالحفظ مِن كثير مِن الشرور وتحمل القلب الغافل للعودة تائباً خائباً مُرتجياً إلى مولاه. إنَّ شهر رمضان شهر البَركة والضيافة الحَقيقي الإجبارية المُركبة مِن محبة الله لِعباده، فَجعل هذهِ الضيافة مُقدّْمة لِلضيافة الخاصة الاختيارية وجعل البركات فِي هذا الشَّهر تتسع وتتسع مَع كُل ليلة لِتكون المائدة وتكون الضيافة كاملة فِي آخر لياليه، وليعبر الهلال طريق الشَّوق وٓالحُب ولِيقطع شاطئ الجفا والبُعد عن مولاه ولِيصل فِي آخر المطاف ويُكتب عَلى جبينه بأنَّه « جاء مُكتملاً «.