اتهم جيشُ التحرير، وهو فصيلٌ سوري معارِض، عناصر جبهة النصرة الإرهابية بخطف قائده وعشراتٍ من مقاتليه في محافظة إدلب، في وقتٍ نفى فصيل «قوات سوريا الديمقراطية» تراجُعه في مدينة منبج الواقعة في حلب. وأعلن جيش التحرير، المحسوب على المعارضة المعتدلة والمدعوم من واشنطن، اختطافَ جبهة النصرة قائدَه، محمد الغابي، مساء أمس الأول من منزله في مدينة كفر نبل التابعة لإدلب (شمال غرب). ونسبَ الفصيل، في بيانٍ له أمس، إلى عناصر النصرة الموالية للقاعدة خطفَ أكثر من 40 آخرين من عناصره والاستيلاء على أسلحةٍ له عبر شن هجمات منسقة على بعض مواقعه وحواجزه. ودعا البيان، الذي نُشِرَ على الإنترنت، إلى الإفراج عن الغابي وجميع من جرى اختطافهم ونقلهم إلى مكان غير معلوم بعد إلحاق إصاباتٍ بهم. وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان ما ورد من معلوماتٍ عن الهجمات، مشيراً إلى تلقِّي جيش التحرير أسلحةً وتمويلاً من الولاياتالمتحدة. وسبق للنصرة استهداف عديدٍ من الفصائل المعارِضة في إدلب بهجماتٍ بينها استهداف مخازن الفرقة 13 بمعرَّة النعمان في مارس الماضي. وفي فبراير الماضي؛ تأسس جيش التحرير، الذي يضم 4 آلاف مقاتِل مدرَّب، في إطار محاولةٍ لتوحيد فصائل مسلحة تعارِض نظام بشار الأسد لكنها تتمايز باعتدالها عن «داعش» و»النصرة». وطالب جيش التحرير فصيل «أحرار الشام» الإسلامي وغيره بالضغط على النصرة لإطلاق سراح الغابي والحيلولة دون تصاعد المواجهات مع إمكانية فصل محكمةٍ في الخلافات، داعياً مقاتليه إلى ضبط النفس على الجبهات الرئيسة في الشمال قرب الحدود التركية. في غضون ذلك؛ أفاد مرصد حقوق الإنسان باندلاع معارك عنيفة في شمال حلب ليل السبت- الأحد بين قوات النظام وفصائل مقاتِلة. ويسعى النظام إلى قطع طريق الكاستيلو الذي يعد المنفذ الوحيد للفصائل المقاتِلة المتمركزة في الأحياء الشرقية لمدينة حلب. وأبلغ المرصد، في هذا الصدد، عن اندلاع اشتباكاتٍ بعد منتصف ليل السبت في محور الملاح وقسمٍ من الأراضي الزراعية شمالي المدينة التي تقع في شمال البلاد. وذكر مدير المرصد، رامي عبدالرحمن، أن طريق الكاستيلو لا يزال مفتوحاً حتى الآن، علماً أن محاولة جيش الأسد السيطرة على الملاح بدأت قبل 10 أيام. وحذر عبدالرحمن من أن حدوث هذه السيطرة سيتيح للأسد محاصرة الأحياء الشرقية. وتنقسم مدينة حلب منذ عام 2012 بين أحياء شرقية موالية للمعارضة وأخرى غربية تحت سيطرة حكومة دمشق غير المعترف بها دولياً. وتعرضت أحياء عدة في القسم الشرقي، بينها السكري والشيخ سعيد، إلى قصفٍ أمس، شنَّه الطيران الحربي للنظام في تواصُلٍ لضرباتٍ جويةٍ عنيفةٍ بدأت قبل أسبوع تقريباً. وفي حصيلةٍ جديدةٍ عن قصفٍ جوي مماثلٍ استهدف بلدة جيرود السبت؛ أكد مرصد حقوق الإنسان مقتل 43 شخصاً على الأقل بينهم أطفال وأفراد من الكادر الطبي. وتقع البلدة في منطقة القلمون الجبلية في ريف دمشق. واستهدفها الطيران الحربي للنظام بضربات عنيفة أمس الأول غداة مقتل طيَّارٍ حربي تحطَّمت طائرته ووقع في قبضة مقاتِلين. واتهم فصيل «جيش الإسلام»، الذي قال إنه أسقط الطائرة، عناصر من جبهة النصرة بقتل الطيار بعد سقوطه. وكانت جيرود الواقعة تشهد هدنة منذ أكثر من سنتين بموجب اتفاقٍ بين النظام ووجهائها على عدم القتال. وفي وقتٍ متأخرٍ السبت؛ اتفق وجهاء من البلدة مع مسؤولين من حكومة دمشق على «خروج المسلحين من المدينة وتسليم جثة الطيار» مقابل وقف الغارات، وفق رامي عبدالرحمن. وكتب ناشطون على موقع «فيسبوك» أن المسلحين بدأوا خلال الليل الانسحاب من مواقعهم في محيط البلدة. في سياقٍ آخر؛ نفى فصيل «قوات سوريا الديمقراطية» تقارير نُشِرَت السبت عن تمكن «داعش» من ردِّ مقاتليه الذين يحاولون التقدم صوب مدينة منبج الواقعة في محافظة حلب. وأظهرت لقطاتٌ بُثَّت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاتلي «قوات سوريا الديمقراطية» أثناء تقدمهم إلى منطقة صوامع الغلال جنوبالمدينة، حيث يتركز القتال بشكلٍ أساسي. وتتشكَّل «قوات سوريا الديمقراطية» من مقاتلين أكراد وعرب يدعمهم طيران التحالف الدولي ضد الإرهاب وقوات أمريكية خاصة. وبدأت عملية استعادة منبج قبل نحو شهر لطرد «داعش» من موقعٍ تحت سيطرته له على الحدود مع تركيا. وتخوض «قوات سوريا الديمقراطية» معارك في شمال المدينة وشرقها بعد تقدمها السريع الذي بدأ باستعادة عدد من القرى المحيطة ثم فرض طوقٍ من مختلف الجوانب. وأرجعت مصادر كردية ما شاب عملية الاقتحام من بطء إلى وجود قناصة يستخدمهم التنظيم الإرهابي وألغام أرضية يزرعها مقاتلوه. ولفتت المصادر أيضاً إلى منع التنظيم المدنيين من الخروج «حيث أثر كل هذا على قدرة الولاياتالمتحدة على القصف دون خسائر كبيرة في الأرواح». لكن المتحدث باسم «قوات سوريا الديمقراطية»، شرفان درويش، أكد استمرار الحملة الساعية لاجتثاث المتطرفين حتى يتم تحرير منبج، متوقعاً تقهقراً سريعاً في صفوف «داعش». وستمثَّل استعادة منبج ضربة كبيرة ل «داعش» بالنظر إلى موقعها الجغرافي حيث تُستخدَم كنقطة لعبور متطرفين أجانب ونقل إمدادات الواردة من الحدود.