شدَّد مسؤولٌ تركي بارز على التزام بلاده بتوثيق العلاقات مع الاتحاد الأوروبي رغم ما شابها من توترات، لكنه دعا الاتحاد إلى تفهُّم الحاجة لقوانين مكافحة الإرهاب ضد هجمات «داعش» والمتمردين الأكراد. وكشف محمد شيمشك، وهو نائب رئيس الوزراء التركي، عن سعي بلاده إلى تدعيم الاتحاد الجمركي مع أوروبا «كي نصبح ثالث أكبر شريكٍ تجاري للاتحاد الأوروبي». وساءت العلاقات بين الجانبين بعد مطالبة الأوروبيين أنقرة بتعديل قوانين مكافحة الإرهاب في إطار اتفاقٍ ثنائي للحدِّ من الهجرة. وأطلق الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تحذيراً غاضباً الشهر الماضي، وصرَّح «سنمضي في طريقنا ولتمضوا أنتم في طريقكم». من ناحية أخرى؛ أُقحِمَت مساعي أنقرة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في النقاش الدائر في بريطانيا حول انسحابها المحتمَل من الاتحاد. وعزَّز ذلك ما يعتبره الأتراك عدم جديةٍ من الاتحاد في ضم بلادهم إلى عضويته. وحذر الداعون إلى خروج بريطانيا من التكتل من «عواقب وخيمة» حال انضمام تركيا ذات الغالبية المسلمة إليه. وردَّ رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، مازحاً، وذكر أن انضمام الأتراك لن يحدث قبل العام 3000. و»رغم كل هذه الضجة أعتقد أن من مصلحتنا الإبقاء على ارتباطنا بأوروبا»، بحسب محمد شيمشك. وأوضح شيمشك خلال مقابلةٍ في مكتبه بأنقرة «نرى في أوروبا مصدراً للإلهام ونقطةً مرجعيةً عندما يتعلق الأمر بتقوية سيادة القانون وتعزيز معايير الديمقراطية» و»لا أرى بديلاً عن الاتحاد الأوروبي في المحيط الجغرافي القريب لنا». لكنه اعتبر أن من غير الإنصاف إصرار الاتحاد على تخفيف أنقرة من قوانين مكافحة الإرهاب. ودعا «شركاءنا الأوروبيين» إلى تفهُّم ذلك. وينتظر الأتراك الفوز بتسهيل السفر إلى دول الاتحاد الأوروبي دون تأشيرةٍ في إطار اتفاقٍ أوسع تحدّ بموجبه بلادهم من الهجرة غير الشرعية إلى شواطئ أوروبا. وتعتبر حكومتهم قوانين مكافحة الإرهاب ضروريةً في الحرب على حزب العمال الكردستاني وتنظيم «داعش» الإرهابي. فيما تنتقد جماعات حقوق الإنسان ما تعتبره استغلالاً لهذه القوانين في إسكات المعارضة. وبدأت تركيا محادثات الانضمام إلى عضوية الاتحاد الأوروبي عام 2005. لكنها لم تحقق تقدُّما يُذكَر رغم إجرائها سلسلةً من الإصلاحات. وتتردد دولٌ كثيرةٌ في الاتحاد في ضم دولة إسلامية كبيرة إلى عضويتها. وتحدث شيمشك عن علاقات اقتصادية متطورة و»أوثق بكثير مما يدرك كثيرون» بين الجانبين. واستدل بأن ما بين 70 و80 % من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في بلاده مصدرها الاتحاد الأوروبي. وأشار إلى «زخم سياسي» بعد مناقشاتٍ على مستوى عالٍ في أبريل الماضي لتوسيع نطاق اتحاد جمركي عمره 20 عاماً ليشمل قطاعي الخدمات والزراعة. وأكد شيمشك «الجانبان يدرسان الوضع، ونرجو استئناف المفاوضات بجدية في بداية عام 2017 على أقصى تقدير». ورأى أن التوصل إلى اتفاق يمكن بسهولة أن يضاعف حجم التجارة الثنائية إلى حوالي 160 مليار دولار سنويّاً لتصبح بلاده ثالث أكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي بعد الولاياتالمتحدة والصين. إلى ذلك؛ دافع محمد شيمشك عن سعي أردوغان إلى تحويل النظام السياسي من برلماني إلى رئاسي، رغم انتقاد خصوم الرئيس هذه الخطوة. وتوقَّع شيمشك، وهو مصرفي سابق في «وول ستريت» ووزير مالية سابق، أن يجلب هذا التحول الدستوري مزيداً من الاستقرار في بلادٍ حفِلَ تاريخها حتى عام 2001 بالائتلافات الحكومية قصيرة العمر والانقلابات العسكرية والأزمات المالية. وفي رأيه؛ أن النظام الرئاسي بالضوابط والموازين الملائمة سيخدم البلاد أفضل من النظام البرلماني. ولاحظ نائب رئيس الوزراء أن النقاش تركَّز خطأً على جوانب شخصية. وكانت إعادة تعيينه الشهر الماضي طمأنت المستثمرين الذين يرون فيه وجهاً من وجوه الإصلاح في حكومةٍ جديدةٍ يهيمن عليها حلفاء أردوغان والمنادون بنمو قائم على الاستهلاك بدلاً من زيادة الإنتاجية وتقليل النفقات. لكن سلطات الرجل، الذي كان في السابق مسؤولاً عن الاقتصاد، تقلَّصت، فظلَّ يشرف على الخزانة والبنك المركزي دون جانب تنظيم عمل مؤسسات الإقراض التجاري أو أسواق المال، ما أثار تساؤلات عن قدرته على مواصلة البرنامج الإصلاحي. ونحَّى شيمشك هذه المخاوف، وأكد أن إنجازاتٍ تتحقق في هدوء، مبيِّناً أن مشروع قانون مهمّاً لتعزيز المناخ الاستثماري سيُناقَش في البرلمان في الأسابيع المقبلة وأن إصلاحات قضائية للتعجيل بنظر القضايا ستسري بحلول الشهر المقبل. واستدل أيضاً بالموافقة على لوائح جديدة للعاملين بعض الوقت لتحسين مرونة سوق العمل.