مؤخرًا، صرت أضجر حين أُمسك بالقلم، وأنظر إلى بياض الورق أمامي، وأنا التي ما فتئت عن عادة الكتابة بالقلم الرصاص في دفاتر من نوع خاص، أُجاهد للحصول عليها. وبينما أنا في صِراع مع أصابعي، عفوًا أعني «قلمي العصري»، تكرر سؤال في عقلي: هل نحن بِحاجة إلى القلم و الورقة لِنكتب؟ أم أن عملية الكِتابة تطورت كثيرًا و أصبحت أصابعنا الناطق و الكاتب؟ لا أُخفيكم، في ظل صراعي مع الإثنين معًا، مزقت أوراقاً كثيرة، كلها بدأت سطورها الأولى ب (أمممم) وكأن أصابعي علمت بِماذا أفكر؟ أو أن عقلي الباطن أرسل لأطرافي أمر بأن: توقفي! رميت آخر ورقة، والتي خلت من (أمأمتي) ودسستُ قلمي تحت الوسادة، وأمسكت هاتفي، ودونتُ، بِه بعض ثرثرتي: - في ظل الانتِظار كل ليلة، تُعاهد أُختها على صبر أطول، وتستعد لفرح مؤجل، وتتشابه الليالي، ويمضي العُمر بِرهبة وترقب المنتظرين! - كل الخبايا حتّى تظهر تُكلفك الكثير! - الصبر آية يرتلها الصابرون بِخشوع، حتّى تصل إلى الضفة الثانية، إما تعرق أو تغرق! - لا تتحدث كثيرًا لأن الأذن، و إن عشقت قبل العين، فهيّ تمل أسرع! - لا تستدر عند كُل منعطف، فقد تخسر حياتك! - لا تيأس ولا تستاء، فكُل ما يُصيبك كُتب قبل أن تولد. وصرختك الأولى كانت بِمثابة إمضاء قبول منك! - كل الحقائق ترتطم بيوم مليء بالصخب! - بعض الحقائق ناقصة..! بعد أن فرغتُ، أدركت كم تطورنا، وكم تطورت الكتابة، وأصبحت أصابعنا، حبرنا وأوراقنا. مَن مِنّا حلم بِمحبرة وورقة مرهونة بإبهام يمينه؟