عدَّ أكاديميون سعوديون منع إيران مواطنيها من أداء الحج لهذا العام جوراً على شعبها، في وقتٍ ربطوا فيه بين تصرُّفها وسياستها العدوانية تجاه الدول العربية والإسلامية. ووصف الدكتور غازي المطيري الدولة الإيرانية بالمارقة. واستدلَّ بتصديرها الإرهاب ونشرها الفوضى وتزعمها العداء للإسلام. واتهمها بتدمير بلاد عربية وإسلامية وبتجميع فلول المرتزقة من كل مكان والدفع بهم في أتون ما سمَّاها ب «محرقة الدمار المزدوج». وذكَّر المطيري، وهو أستاذ كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز لدراسات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الجامعة الإسلامية، بتاريخ إيران في إثارة القلاقل بين الحجاج على مدى العقود الأربعة الماضية. واعتبر أن قوافلها تأتي إلى المملكة بزعم الحج «بينما تحمل أجندة الفوضى وإثارة القلاقل بين الحجاج عبر منشورات تحريضية ومظاهرات فوضوية ورفع شعارات دعائية». وشدد على أن «الحج فريضةٌ ذات أركانٍ وواجباتٍ وسنن دقيقةٍ، لا يجوز صرفها وإفراغها من محتواها أو تحويل المشاعر المقدسة إلى ميادين لرفع الشعارات الجوفاء التي انكشف غطاؤها الدعائي والسياسي من قِبَل دولة مارقة تصدِّر الإرهاب وتنشر الفوضى الخلّاقة». ورأى المطيري أن سلطات الأمن في المملكة أجهضت مشكورةً جميع محاولات عبث الإيرانيين بالحج ومشاعره، ما زادهم حنقاً وإصراراً وعناداً. وأشار إلى إعلان المملكة، رغم قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، استعدادها لاستقبال الحجاج الإيرانيين شريطة التزام سلطاتهم بالأنظمة واللوائح المحافظة والضامنة لأمن الحج «إلا أنهم استغلوا هذا الظرف زاعمين كذباً وبهتاناً منعهم من الحج لنشر الأكاذيب والافتراءات». في سياق متصل؛ اعتبر الدكتور إبراهيم الميمن أنه لا يمكن لأحد المزايدة على اهتمام المملكة بخدمة الإسلام والمسلمين «إذ جعلت ذلك من أولوياتها خاصةً خدمة البقاع المقدسة، وهي ترى في ذلك أساساً لا يمكن التنازل عنه، ويكفي للتدليل ما حظِيَت به هذه البقاع من خدمات جليَّة». وأكد الميمن، وهو وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لشؤون المعاهد العلمية وأستاذٌ في المعهد العالي للقضاء، أن خدمة المشاعر أمانةٌ عظيمةٌ «تحتِّم علينا الوقوف ضد التعنت الإيراني الذي يأبى إلا الاستغلال والمزايدة، والتشويه، والتمسك بما لا يُقرُّه شرعٌ ولا عقلٌ من توظيف هذه الشعائر والمشاعر والأزمنة الفاضلة والأمكنة لخدمة التوجهات السياسية، والنيات السيئة والأعمال التخريبية، كما يشهد بذلك تاريخهم». وندَّد الميمن بإصرار حكومة طهران على موقفها الطائفي البغيض الذي ينطوي على مقاصد سياسية وتوجهات مشبوهة واستغلال سيِّئ. ولاحظ تسبب هذا الموقف في حرمان المسلمين الإيرانيين من أداء مناسك الحج ومشاركة المسلمين الوقوف في عرفات. وتابع «أعظِم بهذا العمل جرماً، وأقبِح به ليكون شاهداً من الشواهد التي تضاف إلى السجل الحافل بالفساد والإفساد، والتخريب والإرهاب، والعنصرية والطائفية، والقتل والإجرام». وربط الميمن، في تصريحاتٍ له، بين الموقف الإيراني و»الإصرار على الظلم والإلحاد». وقال «هم بهذا يكشفون الوجه الحقيقي لهم، ونستفتح بهذا أن يكون بدايةً لنهايتهم»، داعياً العلماء وطلاب العلم والدعاة إلى «إظهار هذه الحقائق الوافية، والحجج الواضحة، وتبيان الموقف الشرعي تجاه هذا العبث». وذكَّر الدكتور محمد السلمي، بدوره، بالموقف السعودي المرحِّب بقاصدي المسجدين الحرام والنبوي. وكانت وزارة الحج والعمرة أعلنت مراراً أن حكومة المملكة لا تمنع أي مسلم من القدوم إلى الأراضي المقدسة وأداء الحج وفق الأنظمة والتعليمات المنظمة لشؤون الفريضة. ووافقت الدول على الأنظمة والتعليمات باستثناء إيران. واتهم السلمي، وهو رئيس مركز الخليج العربي للدراسات الإيرانية، طهران بالعمل على تسييس الحج «ورفع الشعارات السياسية والأيديولوجية وإقامة المسيرات والمظاهرات». وبيَّن «هذا يعد إخلالاً صريحاً بالغاية الدينية والتعبدية لهذا الركن العظيم الذي تتجسد فيه روح الوحدة الإسلامية والأخوة الدينية». لكنه أبدى ارتياحه لوقوف المملكة بكل حزم في وجه «كل من يسعى إلى توجيه الحج إلى مسار لا علاقة له بهذه الفريضة». في غضون ذلك؛ شدَّد مجلس العلاقات الخليجية الدولية «كوغر» على حق المملكة في اتخاذ كل ما يلزم لحفظ شعائر الحج من أي محاولات تسييس وطائفية ولحماية الحجاج من أي محاولة تستهدف أرواحهم وعرقلة أدائهم مناسكهم. وندَّد المجلس بمحاولات طهران تسييس فريضة الحج وتجييرها لطقوس تخفي وراءها أجندةً سياسية وطائفيةً وعرقيةً لا تتوافق مع مبادئ وقيم 96 % من المسلمين. وذكَّر رئيس المجلس، الدكتور طارق بن خليفة الشمري، باستهداف النظام الإيراني الحجاج منذ سنواتٍ مضت «فيَدُه ملطَّخةٌ بالسواد في ارتكاب عمليات إرهابية استهدفت الأرواح وفق عقيدة طائفية لا تتوافق مع العقيدة الإسلامية المتسامحة». ورأى الشمري أن من يقتل العرب والمسلمين في العراق ويسحق المدن في سوريا ويريد تسويق منطق العمالة والخيانة في لبنان واليمن؛ لا يمكن له أبداً أن يحترم الشعائر ويُعظِّمها ويُبعِدها عن التسييس. ووفقاً لرئيس «كوغر»؛ لا يمكن لمثل هذا النظام أن يتعايش مع المسلمين ويعمل على وحدة الصف الإسلامي، ولا يمكن لهؤلاء أن ينتهجوا مبدأ الوحدة الإسلامية ووحدة صف المسلمين.