تعد وزارة الصحة مقبرة لكل الوزراء الذين كُلِّفوا بها، وربما تكون الوزارة الوحيدة التي لا تجد أي تفاعل من المواطنين مع أي وزير جديد يتسلَّم مهام إدارتها، ولا تجد كذلك أي تفاعلٍ، أو آمالٍ معلقة بها، أو مشاعر إيجابية من قِبلهم تجاهها، بل تجدهم يعلِّقون بجملة واحدة و«شفاههم مزمومة» على تولي أي وزير زمامها: «مثل اللي قبله». وزارة الصحة هي الوزارة الوحيدة في المملكة، التي مرَّ عليها خلال سنة واحدة فقط سبعة وزراء، ولم يستطع أيٌّ منهم أن يعلِّق «بشته» على «مشجب» مكتبه، لأنه سرعان ما يقوم بنقله مع «عفش رحيله». لماذا لا يُعلِّق المواطنون آمالهم على الوزارة العجوز، وعلى الوزير الشاب، وعلى أي تغيير يحدث في الوزارة؟ ببساطة، لأنهم يعلمون جيداً أن الشق في الثوب القديم أكبر من الرقعة الجديدة التي جاء بها الوزير الجديد! ولكنني بصراحة، وكثير غيري من المواطنين، أجدني مطمئناً ومتفائلاً جداً بالوزير الجديد توفيق الربيعة، ومتحمساً نوعاً ما له، لأنني متيقِّنٌ من أن هذا الرجل الصالح سينجح، وسيحقق المعجزات التي استطاع تحقيقها سابقاً، خصوصاً حينما تولى حقيبة وزارة التجارة، فأحدث فيها تغييراً كبيراً. ولكن ما أخشاه على الوزير الربيعة، هو الحرس القديم، أو «لوبي التخريب والتعطيل»، الذي لايزال موجوداً في الوزارة منذ زمن طويل، ويُفشل كل مشروع جديد لا يصب في مصلحته. أخشى عليك، معالي الوزير، من أن تغرق في مستنقع التفتيش عن الفساد، الذي مدَّ خيوطه مثل عنكبوت في أرجاء الوزارة، وتنسى التطوير، وتنهمك في محاولة فك الألغاز، والأسلاك المتشابكة، التي تشبه كرة الصوف القديمة، كما أخشى عليك من أن تقف حائراً أمام معالجة طوفان البيروقراطية الكبير، الذي واجهه وزراء عديدون من قبلك، ولكنني أعرف جيداً أنك ستوفَّق في مهمتك الصعبة. وبالتوفيق يا «الربيعة».