خلال الشهرين المقبلين ستنتهي فترة التمديد لمجالس إدارات الأندية الأدبية، وستبدأ مرحلة جديدة لانتخاب مجالس جديدة، نتوقع أن تتواءم مع معطيات المرحلة المقبلة لتحقيق رؤية المملكة 2030، التي شملت الجانب الثقافي برؤى حضارية تصب في التنمية الثقافية للوطن، وقد بدأت مراحل التنفيذ مبكراً بإنشاء هيئة عامة للثقافة، وهيئة للترفيه، وهما هيئتان نتوقع أن تأتي خططهما العريضة للعمل الثقافي والترفيهي بشكل تكاملي، يشكل إضافة نوعية للثقافة السعودية على المستويين العربي والعالمي. حتى الآن لم يُعلن رسمياً عن مهمات هيئتَي الثقافة والترفيه، وسنحاول إضاءة مساحات عنهما في مقالات مقبلة، إن شاء الله. اليوم نستشرف مهمة الهيئة الثقافية من خلال تصريحات المسؤولين عنها، وآراء المثقفين الذين يطالبون بأن تكون هيئة الثقافة مستقلةً لتقوم بدورها في الإشراف، وتقديم الدعم المستقل إلى المؤسسات الثقافية المختلفة مثل: الأندية الأدبية، وجمعيات الثقافة والفنون، والسينما والمسرح، والمكتبات العامة، ومعارض الكتب، والمؤتمرات الثقافية والفكرية، ودعم المؤسسات الأهلية الثقافية. الأندية الأدبية هي مؤسسات مدنية ثقافية أدبية فكرية، تم إنشاؤها لتحقيق الأهداف المرسومة لها بعناية في فترة إنشائها، وقد قدمت تلك الأندية جهداً ملموساً في التأسيس لحراك أدبي ثقافي، كان يسير وفق منظومة التطوير التنموي للوطن، حيث قدمت خلال تلك المرحلة ما يمكن تقديمه بحسب ظروف البيئة الثقافية المتاحة والإمكانات المادية، ومن أبرز سمات تلك المرحلة: رسم الخطوط العريضة لمسيرة الثقافة في السعودية. وقد نجحت التجربة بتفوق، لأنها انفردت بالمشهد الثقافي قبل أن تزاحمها وسائل التثقيف الأخرى، وقدمت المبدعين للساحة الأدبية والثقافية في الداخل على هيئة أنشطة ثقافية ممثلة في الأمسيات الشعرية والقصصية والندوات والمحاضرات، وطباعة نتاجهم الأدبي، وترشيح المبدعين للمشاركات الخارجية. في الحاضر القريب ظهر التقصير جلياً في أداء الأندية الأدبية، وظهرت المشكلات على السطح، ووصل بعضها إلى المحاكم، فانشغلت الأندية بمشكلاتها الداخلية والخارجية، وأصبح الحكم الثقافي على هذه الأندية بأنها معدومة الفائدة، ولم تعد تقدم الفعل الثقافي المؤثر في المجتمع، وانحصرت فائدتها في فئة معينة محسوبة على مجالس الإدارات المنتخبة ما حدا بعدد كبير من الأدباء والمثقفين إلى العزوف عن المشاركة في برامج الأندية وفعالياتها، وأصبح الحضور محدوداً جداً، ما أصاب مجالس الإدارات بالإحباط الشديد، وبالتالي ضعف أداء الأندية، وتقلص خدماتها المقدمة للمبدعين ما عدا بعض الأنشطة التي تقدمها الأندية ذات الاستقرار الإداري، وإصدار المطبوعات التي تختلف من نادٍ لآخر. خلال الشهر الماضي، تم الإعلان عن فتح باب الترشح لعدد من الجمعيات العمومية في الأندية الأدبية محددة بفترة معينة، وبشروط اللائحة الأدبية الجديدة، والمرحلة المقبلة هي مرحلة مهمة جداً، ترتبط بتحقيق أهداف الرؤية السعودية الطموحة في المجال الثقافي، فهل سنرى تفاعلاً إيجابياً من المثقفين والأدباء مع أنديتهم الأدبية؟ أم سيستمر العزوف وتستمر القطيعة؟ وبالتالي يحق للمطالبين مطالبتهم بإغلاق الأندية لعدم جدواها، وهذا ما ستسفر عنه نتائج الانتخابات المقبلة.