حتى مساء أمس، لم تكن جماعة حزب الله الإرهابية أعلنت ملابسات مقتل قائدها العسكري مصطفى بدر الدين في سوريا، لكنها قالت إنها ستعلن «نتائج التحقيقات خلال ساعات» أقصاها صبيحة اليوم السبت. وخلال مراسم تشييع بدر الدين في ضاحية بيروت الجنوبية؛ أبلغ نائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم المشاركين بقوله «خلال ساعات من الآن أقصاها صبيحة السبت سنعلن بالتفصيل ما هو سبب الانفجار ومن هي الجهة المسؤولة وسنبني على الأمر مقتضاه»، مضيفاً «تلمَّسنا خطواتٍ واضحة تؤشر إلى الجهة وإلى الأسلوب، لكننا نحتاج إلى بعض الاستكمال لنتيقن مائة في المائة». وأعلن قاسم استمرار الحزب، المصنَّف إرهابياً على مستوى الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، على سياساته، في إشارةٍ إلى رفضه الانسحاب من الأراضي السورية. بدورها؛ قيَّمت واشنطن مصطفى بدر الدين (55 عاماً) بوصفه «أحد كبار المسؤولين في حزب الله» و»المسؤول عن العمليات العسكرية للحزب في سوريا» حيث تقاتل الجماعة إلى جانب قوات النظام. ويُعدُّ مقتل بدر الدين، وهو شقيق زوجة عماد مغنية الذي قُتِل في دمشق عام 2008، أكبر انتكاسة تلحق بحزبه وحليفته إيران في الأراضي السورية. وتقول مصادر إعلامية، بينها قناة «العربية»، إن ميليشيات حزب الله فقدت أكثر من 1500 من عناصرها في هذه المعركة التي جلبت توتراً إلى الداخل اللبناني. وفقد الحزب 4 من قيادييه البارزين منذ يناير 2015 خلال القتال إلى جانب قوات بشار الأسد. كما قُتِلَ عددٌ من العسكريين الإيرانيين البارزين على يد المعارضة السورية. وعلى مدى 4 سنوات ماضية؛ كان بدر الدين المعروف أيضاً باسم «ذو الفقار» العقل المدبِّر لعملياتٍ عسكريةٍ بعضها خارج لبنان، ولجأ إلى العمل في الخفاء لتفادي الوقوع في أيدي أي سلطات. ونسبت وزارة الخزانة الأمريكية إليه قيادة الهجمات البرية ضد معارضي الأسد في بلدة القصير السورية في فبراير 2013. ووسط هتافاتٍ تقليدية؛ حُمِلَ نعش بدر الدين إلى إحدى الجبَّانات ملفوفاً بالعلم الأصفر لحزبه ودُفِنَ إلى جوار مغنية. وكان الإرهابي القتيل قضى في انفجارٍ كبيرٍ وقع ليل الخميس على الأرجح واستهدف أحد مراكز حزب الله قرب مطار دمشق الدولي. ولم يُحدِّد الحزب في بيانٍ له ما إذا كان الانفجار الذي تسبب في إصابة آخرين ناجماً عن قصف جوي أو صاروخي أو مدفعي. وعلى غير عادته؛ لم يوجِّه الحزب الاتهام إلى إسرائيل التي يَنسِب إليها غالباً قتل قيادييه. وفي بغداد؛ اعتبر المتحدث باسم القوات الأمريكية، الكولونيل ستيف وارن، أن «من السابق لأوانه، بالنسبة إلى هذه الضربة بالتحديد، الحديث عمن نفَّذها وما هي التداعيات المستقبلية لها». وكان حزب الله اتهم إسرائيل بقتل كلٍ من مغنية قبل 8 سنوات والقيادي العسكري، سمير القنطار، في غارةٍ في ديسمبر الماضي قرب العاصمة. كما قُتِلَ 6 من عناصره بينهم جهاد نجل مغنية بعد غارة إسرائيليةٍ في يناير 2015 على منطقة القنيطرة جنوبي سوريا. ويقول الباحث اللبناني المتخصص في شؤون الحزب، وضاح شرارة، إن مصطفى بدر الدين «كان المسؤول عن تدريب مقاتلين شيعة في العراق وشكَّل صلة الوصل مع إيران على المستوى العسكري، كما كان الرابط الأبرز بين حزب الله وقضية اغتيال رفيق الحريري». ويُحاكَم 5 من عناصر الحزب، بينهم بدر الدين، غيابياً أمام المحكمة الخاصة بلبنان في لاهاي الهولندية، بعدما رفضوا تسليم أنفسهم متهمين المحكمة باستهدافهم. وبدر الدين، وفق نص الاتهام، هو «المشرف العام على العملية» التي أدت إلى مقتل رئيس وزراء لبنان الأسبق و22 شخصاً آخرين بينهم منفذ الاعتداء في تفجير ضخم مطلع عام 2005. وقالت المحكمة، في بيان أمس، إنها «أخذت علماً بمقتله» وهي «ليست بوارد التعليق على هذا الإعلان (…) في انتظار التسوية القانونية». وكانت وزارة الخزانة الأمريكية فرضت في يوليو 2015 على بدر الدين ومجموعة من القادة والمسؤولين العسكريين في حزب الله عقوبات قالت إنها تأتي في سياق «كشف واستهداف الدعم النشط الذي يقدمه الحزب لنظام بشار الأسد، فضلاً عن نشاطات الحزب الإرهابية الأخرى». ووفق بيانٍ للوزارة آنذاك؛ فإن بدر الدين «مسؤول عن عمليات حزب الله العسكرية في سوريا منذ 2011، بما في ذلك حركة مقاتلي الحزب من لبنان الى سوريا دعماً لنظام الأسد». و»منذ سبتمبر 2011؛ يجري التنسيق الاستراتيجي بين الأسد والأمين العام لحزب الله حسن نصرالله على قاعدة أسبوعية، حيث يرافق بدر الدين نصرالله خلال الاجتماعات في دمشق»، بحسب البيان.