كشف مسؤولون ودبلوماسيون أمريكيون عن استعداد بلادهم لتخفيف الحظر الأممي المفروض على تصدير الأسلحة إلى ليبيا. والهدف، كما قالت المصادر، مساعدة حكومة الوفاق الوطني على محاربة تنظيم «داعش» الإرهابي. وبموجب مشروع قرارٍ يدعمه البيت الأبيض؛ يمكن للأمم المتحدة إدراج استثناءاتٍ على الحظر الذي يعود إلى عام 2011 حينما كان معمر القذافي يقمع انتفاضة شعبية أطاحت به لاحقاً. و»إذا أعدَّت حكومة الوفاق قائمةً مفصلةً ومتجانسةً بما تحتاج إليه لمحاربة تنظيم داعش واستجابت لكل شروط الاستثناء؛ فأنا أعتقد أن أعضاء مجلس الأمن الدولي سينظرون ببالغ الجدية في هذا الطلب»، بحسب مسؤولٍ في الإدارة الأمريكية. وأكد المسؤول الذي طلب حجب اسمه «هناك رغبة صحية جدّاً داخل ليبيا في التخلص بأنفسهم من التنظيم، وأعتقد أن هذا أمرٌ علينا أن ندعمه ونستجيب له». وأطاحت انتفاضة شعبية مدعومة من طيران حلف شمال الأطلسي بنظام القذافي الذي قُتِلَ في أكتوبر 2011. لكن البلاد غرِقَت بعد أشهر في فوضى عارمة. وسيطرت عشرات المجموعات المسلحة على مناطق مختلفة، ونشأت سلطات عدة تبقَّى منها حكومة معترف بها دوليّاً مستقرةٌ في طرابلس وأخرى مستقرة في الشرق ترفض تسليم السلطة وتحظى بدعم البرلمان. واستغل «داعش» الفوضى للسيطرة على منطقة واسعة حول سرت «وسط»، وهي مسقط رأس القذافي وتبعد مئات الأمتار من أوروبا. ويخشى الغرب تمكن التنظيم من استخدام ميناء سرت ومطارها لشن هجمات في أراضٍ أوروبية. واستهدف المسلحون المتطرفون منشآت نفطية مجاورة للمدينة وأوقفوا عائداتها المالية الثمينة. وتحدث البنتاغون، في وقتٍ سابقٍ من العام الجاري، عن وجود حوالي 6 آلاف مقاتل في تنظيم «داعش» في ليبيا، متوقعاً وفود مقاتلين أجانب للانضمام إليهم. وحالياً؛ تحظى حكومة الوفاق الوطني بدعم قوي من الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، والأوروبيين الذين يريدون مساعدتها على إرساء سلطتها ومواجهة الجهاديين. واعتبر أوباما أخيراً أن أحد أبرز الأخطاء التي ارتكبها خلال ولايته تتعلق بليبيا، إذ لم يخطط كما قال لمرحلة ما بعد التدخل العسكري الذي كان في ذاته قراراً صائباً بحسب تعبيره. لكن يترتب على الغرب تجنُّب الظهور وكأنه يتدخل في ما لا يعنيه كي لا يقوِّض سلطة الحكومة الهشة. ما هي الحاجات؟ وخفَّف المسؤولون في واشنطن وروما وغيرهما من وتيرة الحديث عن إرسال قواتٍ إلى الأراضي الليبية لتدريب ومواكبة العسكريين، في انتظار طلب رسمي من حكومة الوفاق. وأوضح المسؤول الرفيع في الإدارة الأمريكية «كل الحديث عما قد نفعل، ما نستطيع أن نفعل، يهدف إلى تلبية حاجات الحكومة الليبية، فعندما نتحدث عن تدريب نتحدث عن تجهيزات، إننا نتحدث عما يحتاجون». وحتى الآن؛ اقتصر التحرك الأمريكي في ليبيا على قصف جوي استهدف موقعاً يُشتبَه في استخدامه معسكراً لتدريب عناصر «داعش» وشخصاً يُشتبَه في تورطه في هجمات دامية في تونس المجاورة. كما أرسلت الولاياتالمتحدة مجموعة صغيرة من قوات النخبة لجمع المعلومات الاستخبارية والاتصال بعددٍ من الفصائل المقاتلة، بحسب صحيفة «واشنطن بوست». وسيتم الإثنين المقبل البحث في تخفيف الحصار خلال لقاءٍ في فيينا يجمع وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، بنظرائه من القوى الإقليمية. ولم تحدد المصادر الدبلوماسية نوع الأسلحة التي قد تطلبها حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج. في الوقت نفسه؛ حذَّر دبلوماسيون من صعوبات حضور الحكومة الاجتماع حاملةً مطالب ملموسة نظراً إلى وضع البلاد المتأزم. وإذا كانت مجموعات مسلحة عدة أعلنت ولاءها لسلطة السراج؛ فإن فصائل مسلحة كثيرة ترفض الانصياع له، وأبرزها تلك التابعة لقيادة اللواء خليفة حفتر في شرق البلاد وأخرى مرتبطة بتنظيم القاعدة. وفي حال تخفيف حظر الأسلحة؛ سيترتب على السراج تشكيل قوة موالية للحكومة قادرة على مواجهة جهاديين يعلنون استعدادهم للقتال حتى الموت. وقُتِلَ الخميس 4 مقاتلين من قوات الحكومة وأصيب 24 في هجوم ل «داعش» على مناطق خاضعة للسلطة الجديدة. وتقدم المتطرفون خلال الأيام الأخيرة في اتجاه مدينة مصراتة الساحلية بعد بروز بوادر هجوم وشيك للقوات الحكومية. إلى ذلك؛ يترتب على حكومة السراج التعامل مع مخاوف بشأن سقوط أسلحة الغربيين في أيدي مجموعات خطرة أو استخدامها في خصومات محلية. ولاحظ الخبير في الشؤون الليبية في مركز كارنيغي للسلام الدولي، فريدريك فيري، أنه «ليست هناك سلسلة قيادة موحدة وما زالت بعض الفصائل المسلحة أكثر تركيزاً على التقاتل في ما بينها من مواجهة تنظيم داعش». وشدد «الخطر الحقيقي يكمن في استخدام تلك الفصائل الأسلحة في المواجهات بينها». في هذه الأثناء؛ اتخذت الحكومة خطوات صغيرة لاستعادة السيطرة على الوزارات والبدء في تشكيل قوة جيش وطنية فعلية. وأعلن مجلس الوزراء تشكيل قوة «حرس رئاسي» في وقت سابق الأسبوع الماضي لحماية المباني الحكومية والمنشآت الحيوية والشخصيات المهمة. وعلَّق المسؤول الأمريكي «إنه تطور بطيء لكنه ثابت وملموس». في شأنٍ متصل؛ أكد تقرير برلماني بريطاني فشل العملية البحرية للاتحاد الأوروبي المُستهدِفة مكافحة تهريب المهاجرين قبالة السواحل الليبية. ولاحظ التقرير، الذي نُشِر الجمعة، أن العملية «صوفيا» التي دخلت حيز التنفيذ في صيف عام 2015 لا تساهم إلا في تشجيع المهربين على تغيير استراتيجيتهم و»لم تقلص عدد المهاجرين، ولم تمنع الاتجار بالبشر». وأشارت لجنة الأعمال الأوروبية بمجلس اللوردات البريطاني، في تقريرها، إلى اعتقال «صوفيا» عدداً ضئيلاً من الأشخاص (حوالي 50) وغالباً ما يكونون مستخدمين «إذ أن المسؤولين عن التهريب يعملون على عدم الوجود على متن المراكب المستهدفة». كما أن تدمير المراكب التي يبلغ عددها 80 مركباً، بحسب اللجنة، دفع المهربين إلى استخدام قوارب مطاطية أقل أماناً للمهاجرين.