جاءت الزيارة التاريخية التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله ورعاه إلى مصر الشقيقة بمنزلة الصفعة التي وجهها البلدان إلى أعداء الأُمة، وإلى الإخوان بالتحديد ومن ناصرهم وزرع الفتن وشكك بالنيات والعلاقات التي تربط بين البلدين..! وضع «الملك سلمان» حداً لهذه الأقاويل وهذه الشائعات بإقامته خمسة أيام مُتتالية في مصر وتوقيع أكثر من إحدى وعشرين اتفاقية كانت بمنزلة نتائج مباحثات ومداولات، ونقاشات واجتماعات وحوارات بدأت مُنذ قرابة السنة وهي أكبر ردّ على هؤلاء الغوغائيين، وتكشف الستار بوضوح عن أن البلدين الشقيقين استمرا في الاجتماعات، سواء في «القاهرة» «أو «الرياض» للتنسيق والتشاور، ولم تنقطع أواصر الحُب والود بين الأخوة الأشقاء، وما حدث ويحدُث في بعض الفترات ما هو الا اختلافات بسيطة في وجهات النظر بين الأشقاء وبالتالي لا غُبار على الاختلافات الثانوية ما دامت الأهداف الجوهرية ثابتة ومُتفق عليها. حاول الإخوان تمرير وترويج أكاذيب، بأن العلاقات السعودية المصرية في خلل، وأنها ضعيفة خاصة بعد أن كانوا يملكون مقاليد الحكم وكبرت شوكتهم وامتد ضررهم من الخليج إلى المحيط فتوهموا أن الفُرصة سنحت لهم ليأكلوا الكعكة وينشروا بذور فتنهم وألاعيبهم، وإرهابهم في المنطقة، فبدأوا بالدولتين العظميين مصر والسعودية في محاولة منهم لفك وتصدّع الصف العربي وزعزعة الأمن والاستقرار، ولأن العُقلاء في هذين البلدين أكبر من أن يلتفتوا إلى غوغائيين أمثالهم، فكان الرد بهذه الزيارة التي ألجمت الأفواه وكبلت الأيادي البغيضة من أن تعبث بالمنطقة وأمنها واستقرارها. زيارة تاريخية تضم في طياتها أكثر من 800 شخص وهي الأكبر على مر التاريخ بتوقيت سليم جاء في ظل منطقة تعيش خلافات واختلافات هُنا وهُناك، وثورات من المشاغبين في اليمن والعراق وسوريا ومُحاولات من تركيا وحلفائها لتصطاد بالمياه، وتعكر صفو الأُمة الإسلامية..! جاءت الزيارة لتُؤكد عُمق العلاقات العربية، وعُمق الصداقات العربية وتجذّر العلاقات المصرية السعودية، اختار الزعيمان هذا التوقيت بالذات ليكون أكبر ردِّ على هؤلاء الأعداء، جاء التوقيت مُناسباً لمرور الأُمة بمنُعطف خطير ومأزق خطير الخروج منه لا يكون الا من خلال الحزم والسير قُدماً في مسيرة العطاء والقوة والإخلاص لهذا الدين، وهذه المنطقة ومن خلال قرارات حكيمة من قائدي العرب والمسلمين. خلال الزيارة وتوقيع الاتفاقات ركَّز الجانبان على الاهتمام البالغ بتجفيف منابع الإرهاب، وما توقيع الاتفاقية الثقافية إلا أكبر دليل على ذلك، وجاءت زيارة المليك المفدى حفظه الله إلى الأزهر واهتمامه بالصلاة فيه وإتمام عمليات الترميم التي أطلقها الملك عبدالله – رحمه الله- رغبة من خادم الحرمين الشريفين في تعزيز قوة العالم الإسلامي وإعطاء الأزهر هيبته وقوته في العالم الإسلامي. ظن البعض مع الأسف أن السعودية في دخولها حرب اليمن تناست أو أهملت العلاقات المصرية السعودية وشنّ الأعداء بصحفهم وقنواتهم أقاويل من هذا القبيل، وما علموا أن سلمان الحزم وسلمان العروبة لم ينس يوماً مصر ولم يتنصّل عن دعمها وعن دعم الاتفاقيات واللقاءات بين الجانبين وعن اهتمامه – حفظه الله- شخصياً بجميع الجوانب السياسية، والاجتماعية، والعسكرية، والاقتصادية واطلاعه شهرياً، بل أسبوعياً على ما تم ويتم التباحث فيه بين الأشقاء. قال «الملك سلمان» حينما كان أميراً للرياض لجمع من الكُتاب والمثقفين المصريين إن والدي الملك عبدالعزيز – طيب الله ثراه – لم يخرج من المملكة العربية السعودية إلا مرة واحدة في حياته زار فيها مصر (خصّها لمصر) فمصر في قلوبنا مُنذ زمن وستبقى إلى الأبد». «الملك سلمان» – حفظة الله- له وقفات مع المُثقفين والكُتاب المصريين وعلى اطلاع واسع بالصحافة المصرية مُنذ زمن بعيد، فهو صاحب نظرة ثاقبة ونظرة بعيدة المدى وعلى اطلاع واسع بكافة الجوانب. جاءت الزيارة من رجل يعرف «القاهرة» وشعبها كما يعرف «الرياض» وأحياءها. جاءت الزيارة من رجل أعاد للعلاقات المصرية السعودية رهبتها، ورونقها، وقوتها، نستطيع أن نقول إن الملك سلمان أعاد صناعة التاريخ في العلاقات العربية العربية وصنع بداية تاريخية للعلاقات المصرية السعودية، حيث كان العرب قبل هذه الزيارة أشبة بالأيتام على مائدة اللئام..!!