مبادرة أمانة الطائف توفر كراسي متحركة لخدمة كبار السن وذوي الإعاقة    الجوير وموسكيرا وبلان يحصدون جوائز الافضلية لشهر فبراير    الاحمدي يكتب.. الهلال معزوفة مجد لن تتوقف    وزارة الرياضة تنظم ندوة للتسامح والشمولية في الرياضة على هامش اجتماعات الدورة ال58 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف    أمير القصيم يزور منتزه غابة عنيزة ويزرع الشتلة 120000    أمانة القصيم وبلدياتها تستعد لشهر رمضان ب 18,729 جولة رقابية    ديوانية القلم الذهبي تتناول الرواية وعلاقتها بالسينما في لقاءها الأسبوعي    اختتام بطولة الخليج للجولف بتتويج الأبطال    شراكة إستراتيجية بين نادي القادسية وهيئة الصحفيين السعوديين    خدمات رمضان جندي خفي في مناطق الصراع    أمير تبوك يستعرض التقرير السنوي لقوات الأمن والحماية    ما تداعيات التعريفات الجمركية الأمريكية - الأوروبية؟    لا«عبور».. كل شيء تحت الرصد    الحوار السوري .. بناء الدولة الجديدة    العديلي يعود للقصة ب«وقت للحب وقت للحرب»    مثقفون يخصصون «رمضان» لإنجاز مشاريعهم المؤجلة    المفتي العام للأئمة عبر «عكاظ»: ترفقوا بالناس في الصلوات    5 خطوات لتعزيز صحة قلب الأطفال    لاعبون مصابون ب«فوبيا الطيران»    كل ساعة لطفلك أمام الشاشة تضعف نظره    الأولمبية والبارالمبية السعودية تدعو لانعقاد جمعيتها العمومية    تأكد غياب تمبكتي عن مواجهة الهلال والأهلي    كل عام منجز جديد    الذكاء الاصطناعي يجعل الناس أغبياء    هل انتهت حرب غزة فعلاً؟!    السعودية مفتاح حل أزمة روسيا أوكرنيا    تنفيذ أكثر من 26 مليون عملية إلكترونية عبر منصة «أبشر» في يناير 2025    جدة: القبض على مقيم لترويجه مادة الحشيش    الدفاع المدني يحصل على التصنيف المعتمد p 3 m 3 في إدارة المشاريع    سراة عبيدة تطلق مبادرة "أجاويد 3" لتقديم المبادرات التطوعية    روسيا تغزو الفضاء    الصين.. حوافز مالية للإنجاب!    البكيرية تحتفل باليوم العالمي للفراولة    مع عيد الحب    «فنّ المملكة» في جاكس    تراثنا في العلا    التسوق الرمضاني    صائم ونفسي رأس خشمي    لن أقتدي بمنافق!    روحانية دون نظير    زراعة عسير تستعد ب 100 مراقب لضبط أسواق النفع العام والمسالخ    المسار الرياضي: رحلة الإبهار    جازان تودِّع أبطال المملكة للسهام بالفل والكادي    المستشفيات السعودية تواصل تميّزها عالميًا مع دخول 10 مستشفيات جديدة في التصنيف العالمي    البرلمان العربي يدين الاعتداءات السافرة لكيان الاحتلال على الأراضي السورية    أمير منطقة تبوك يستقبل مدير مكافحة المخدرات بالمنطقة    أمير منطقة تبوك يستقبل قائد القوات الخاصة للأمن والحماية    نجاح فصل التوأم الملتصق البوركيني "حوى وخديجة"    أمير الشرقية يدشن حملة "صحتك في رمضان ويطلع على إنجازات جمعية "أفق" ويتسلم تقرير الأحوال المدنية    "الحياة الفطرية" يطلق 10 ظباء ريم في متنزه ثادق الوطني    المحكمة العليا تدعو إلى تحري رؤية هلال شهر رمضان مساء غدٍ الجمعة    جامعة أمِّ القُرى تحتفي بيوم التَّأسيس لعام 2025م    إطلاق برنامج الابتعاث الثقافي لطلبة التعليم العام من الصف الخامس الابتدائي حتى الثالث الثانوي    أمير المدينة: حريصون على تحقيق الراحة للمصلين في المسجد النبوي    نائب أمير مكة يكرم متقاعدي الإمارة    بين انفراجة صفقة الأسرى وتهرب نتنياهو من المرحلة الثانية.. سباق مع الزمن لإنقاذ هدنة غزة    أمير تبوك يواسي بن هرماس في وفاة والده    أمير تبوك يترأس اجتماع الادارات الحكومية والخدمية لاستعدادات رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التسامح والكراهية في خطابَي صادق خان ودونالد ترامب

آخر «تقليعات» المرشح المحتمل للحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب، أنه قال إنه سوف يستثني عمدة لندن المنتخب حديثاً صادق خان، وسيسمح له بالسفر إلى الولايات المتحدة. هذا الاستثناء جاء بعد أن صرَّح خان، أنه ينوي زيارة الولايات المتحدة الأمريكية للاطلاع والاجتماع مع عمداء المدن فيها. وكان ترامب، قد اقترح حظر دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة إثر هجمات باريس الإرهابية التي تبناها تنظيم داعش، وسقط فيها عشرات بين قتيل وجريح، معتبراً أن هذا الحظر ضروري للأمن الأمريكي!
ربما تترجم تصريحات ترامب البغيضة حجم الكراهية والحقد الذي يحمله المرشح الجمهوري للمسلمين خصوصاً، والأجانب على وجه العموم، كما تعكس المزاج الأمريكي الذي تحوَّل بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 على برجي التجارة في نيويورك، الذي نفذه تنظيم القاعدة، وبروز «الإسلامو فوبيا»، وانزلاق المحافظين الجدد بقيادة بوش الابن في حروب أفغانستان، والعراق، والمنطقة العربية عموماً لدرجة خسرت فيها واشنطن ما حققه الاقتصاد الأمريكي من مكاسب في حقبة الرئيس الأسبق بيل كلينتون، فتحوَّل الفائض الذي تحقق إبان رئاسته في الموازنة الفيدرالية إلى «عُجوزات تريليونية» مقلقة بعد مجيء المحافظين الجدد، الأمر الذي أشاع الكراهية ضد الولايات المتحدة، خصوصاً مع تطبيق المبدأ البغيض للبشر «إن لم تكن معي فأنت ضدي»، وترويجه على مستوى العالم، حتى بات واحداً من أهم الشعارات المطبَّقة في عديد من الدول التي تشهد احترابات واضطرابات سياسية، قادت بعضها إلى تصفية الخصوم بطريقة دموية قلَّ نظيرها في التاريخ المعاصر.
كان عمدة لندن المسلم صادق خان، الذي قدمت أسرته من دولة تنتمي إلى العالم الثالث، باكستان، قد عاش ضنك العيش في أسرة يعيلها والده، الذي كان يعمل سائق حافلة في شوارع لندن ليوفر لقمة عيش حلال من عرق جبينه، يسد بها جوع أبنائه الثمانية، ومنهم صادق، الذي تفوق على فقره، واختط طريق الاجتهاد والنجاح المؤسَّس على التعليم والتحصيل الأكاديمي والمثابرة في الحياة العامة من خلال انخراطه في حزب العمال البريطاني، الذي وجد قادته أن المسلم صادق خان، هو أفضل من أقرانه المسيحيين واليهود الذين ينتمون إلى نفس الحزب، وهو الأنسب لخوض معركة انتخابات رئاسة بلدية العاصمة البريطانية التي تعتبر المنصب الثاني بعد رئاسة الوزراء، وتبلغ موازنتها السنوية 14 مليار جنيه إسترليني.
لقد فضَّل اللندنيون يوم ال 6 من مايو الجاري، خان المسلم ابن الأسرة الفقيرة، على المليونير الذي ينتمي إلى حزب المحافظين زاك جولد سميث، وسلَّموا مفتاح مدينتهم إلى ذلك المهاجر العصامي، الذي تنقَّل في مناصب عدة منها المحاماة، وعضوية مجلس العموم البريطاني عن حزب العمال. سلَّموه المفتاح لأنهم وجدوا فيه الكفاءة من وجهة نظرهم، ولأنهم وثقوا في وعوده في حل أزمات مستعصية مثل أزمة المواصلات، والإسكان، والجريمة، والبيئة، ولم ينظروا إلى دينه، أو مذهبه، أو أصله الإثني. قالوا له توكل على الله، و«فرجينا إنجازاتك». ولاشك في أن ذلك أزعج «المكارثي» الجديد دونالد ترامب، الذي يتبنى أيديولوجية إقصائية لا تختلف كثيراً عن العقلية الإقصائية التي نلاحظها في كثير من المناطق العربية بتحريض من وسائل الإعلام العربي الموتور والمهووس بشطب الآخر وإقصائه، وتصفيته في الشوارع دون أن يرفَّ له جفن، وإذا لاح في الأفق حل ما لأزمة هنا أو هناك، يتحسَّس أولئك الموتورون كراسيهم خوفاً من خسرانها، فهم يعتاشون على الأزمات، ويقتاتون من فضلات أمراء الحروب المنتشرين كثيراً هذه الأيام في سوريا، واليمن، والعراق، وليبيا وغيرها من الدول التي تعاني من انقسامات حادة، وتشظيات تنذر بتفجُّر الموقف فيها وتطوره إلى الحالة الدموية.
واللافت في الناخبين اللندنيين، هو أن الهجمات الإرهابية التي تعرضت إليها مدينتهم، والمدن البريطانية من قِبل الجماعات الإرهابية، التي ينتمي عناصر منها إلى نفس الإثنية العرقية التي جاء منها خان، لم تقدهم لاتخاذ موقف مضاد من صادق خان، ولم يمارسوا العقاب الجماعي على تلك الملة، بل أكدوا على القاعدة القانونية والدستورية التي تقول إن الجريمة فردية، وتختص العقوبة بمَن يرتكبها، ولا دخل لأهله وعائلته وملته فيها. ولذلك لم يحمِّلوه مسؤولية ما ارتكبته تلك العصابات، إنما كانت العقلية المتفتحة والمتسامحة هي التي قادت اللندنيين إلى وضع ورقة الانتخاب في الصندوق لصالح ذاك الشخص ذي الأصول الباكستانية، الذي يُنظر إليه بأنه الشخصية الثانية في البلاد، ويتساوى في راتبه السنوي مع رئيس الوزراء البريطاني (143.911 ألف جنيه إسترليني).
أهل لندن أدرى بشعابها، وقد بدأوا يراقبون العمدة صادق خان، في الكيفية التي سينفذ بها وعوده للناخبين، ولن يلتفتوا إليه، أو يراقبوه كيف يصلي، أو كيف يتوضأ، فذاك لن يوصلهم إلى نتيجة بقدر ما سيعيد خلق اصطفافات بينهم، تجاوزوها منذ عشرات السنين. وفي الوقت نفسه، بدأت جمعية لندن وهي «مجلس منتخب»، في فحص ومراقبة أداء أنشطة العمدة، الذي يحق له تعديل الميزانية السنوية إذا اكتمل نصاب الثلثين في اجتماع المجلس، فضلاً عن ممارسة الجمعية صلاحياتها في رفض المسودات القانونية لمشاريع العمدة.
اللندنيون يريدون إنجازاً حقيقياً من صادق خان، ليبقي مدينتهم متقدمة على غيرها من مئات مدن العالم، ويريدون أيضاً أن يروا مدينتهم وهي تتمتع بهذا التنوع الإثني والعرقي الجميل، الذي يعيش بعضه مع بعض تكريساً للسلم الأهلي والاستقرار الاجتماعي في ظل ديمقراطية وتنمية مستدامة تقطعان الطريق على أولئك الذين يحلمون بتشكيل دويلات الخلافة في العواصم العلمانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.