بعض الرواة ينسب هذه العبارة إلى الملك فيصل، أيام حملته إلى الجنوب، حيث يُروَى أن الملك عبدالعزيز، سأله عن تلك الديار، فأجاب: «ما وراء بيشة عيشة» أي لا يوجد بعدها أي مخزون غذائي مثل: التمر والقمح اللذين يُنتجان في بيشة. وفي رواية، أن القوافل التي تسير من الحجاز إلى اليمن، والعكس، تمرُّ ببيشة، وكانت بيشة معروفة في الماضي بأسواقها العظيمة، والمعنى: تزوَّدوا من بيشة لأنكم ستدخلون الربع الخالي، وهي الصحراء التي لا زاد فيها. ومع مرور الزمن، تحولت العبارة، وأصبحت: «بيشة ما فيها عيشة». ما جعل أهلها ينافحون عنها لينفوا عنها تلك الصفة التي لا تليق بها، وهي بلد النخيل، وبواديها تكاد أن تكون الأكبر في شبه الجزيرة العربية. سأسمِّيها «بيشة أم العيشة» من فرط محبتي لها كجزءٍ غالٍ من مملكتنا الحبيبة، ومن واقع معايشةٍ، وخبرةٍ مباشرةٍ، فأنا شاهد عيان، أنا «شاهد على العصر»، وما يزيد بيشة جمالاً هو كرم أهلها، وروحهم المضيافة، وصفاتهم الحميدة، التي ورثوها عن أجدادهم الأفاضل حين كانوا في استقبال القوافل، التي لا تجد العيشة من بعدهم. ولكي يكتمل «حلا» بيشة، فإنها تحتاج إلى اكتمال المشاريع الحيوية فيها، وتحتاج إلى منابر ثقافية، تخدم شبابها، وتحثهم على التحلِّي بأخلاق العصر، والتنافس في طلب العلم، والبُعد عن سلوكيات «خشونة» الصحراء، و«جلافة» الأعراب، وتصرفات الفتوة، التي لا تصلح لهذا العصر. حياكِ الله يا بيشة «الأُسْد» والرجال الأشاوس، ولا ألوم الشاعر إن قال فيكِ: كأنهم في الوغى والموت مقتنع ** أُسد ببيشة في أرساغها فدع وأنتِ «كجنة خضراء في عصر زاهر، يأنس الناظر بقربكِ وينعم بالراحة فيكِ»، كما قال العواجي، بتصرف.