وعد ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، بخطواتٍ حكوميةٍ تحُدُّ من تأثير خفض الدعم على المواطنين، كاشفاً عن العمل على تصحيح تطبيق تعريفة المياه الجديدة. وتعمل المملكة حالياً على تعديل اقتصادها لمواكبة مرحلة ما بعد النفط الذي تُعدُّ أكبر مُصدِّرٍ له في العالم. وأكد ولي ولي العهد، في مقابلةٍ أجراها الخميس الماضي في مزرعةٍ في الدرعية مع وكالة «بلومبرغ» الاقتصادية، تطوير الحكومة آليةً لتوفير دعمٍ نقدي لذوي الدخل المحدود والمتوسط الذين يعتمدون على الدعم «في حين كان 70% من الدعم وفقاً لنظامه السابق يصل إلى أصحاب الدخل العالي». وأوضح «نحن لا نريد تغيير حياة المواطن السعودي البسيط، نريد أن نمارس الضغط على الأثرياء الذين يستخدمون الموارد بشكل مكثف». وأعادت المملكة تعريف أسعار البنزين والكهرباء والمياه ضمن إعادة هيكلة الإنفاق، بحسب «بلومبرغ» التي قالت «يُتوقَّع أن تحقق إعادة هيكلة الدعم – بما في ذلك تخفيضاتٌ في المستقبل- 30 مليار دولار سنويّاً بحلول عام 2020، وهو ما يعد جزءاً من خطة أوسع لزيادة الإيرادات السعودية غير النفطية بمقدار 100 مليار دولار للحد من اعتماد المملكة على النفط الخام». وتوقَّع ولي ولي العهد، خلال المقابلة، أن تقلِّل المساعدات النقدية، في حال تحرير أسعار السلع إلى الأسعار العالمية، من الاستهلاك. وشرح قائلاً «لنقُل إن السعر العالمي للكهرباء هو 1000 ريال وأنت تقوم بدفع 50 ريالاً فقط، سنعطيك 1000 ريال وسنرفع أسعار الكهرباء، سيكون لديك خياران: إما أن تنفق 1000 ريال على فواتير الكهرباء كما اعتدت، أو يمكنك خفض استهلاك الكهرباء واستخدام المال في شيء آخر». و«في حين تم رفع أسعار البنزين والكهرباء دون التأثير على المواطن؛ تم تطبيق تعريفة المياه الجديدة بطريقة غير مرضية وسيتم تصحيحها»، بحسب الأمير محمد الذي شدَّد «بصراحة؛ ما حدث لم يكن متوافقاً مع الخطة التي وافقنا عليها، ونحن الآن نعمل بجد على إصلاحات داخل وزارة المياه، حيث ستكون الأمور متوافقة مع الخطة المتفق عليها». ويقود الأمير محمد بن سلمان أكبر إعادة هيكلة اقتصادية منذ تأسيس المملكة. وستُعلَن رؤيته الشاملة لعصر ما بعد النفط الإثنين المقبل الموافق ال 25 من إبريل الجاري. وأحد العناصر هو برنامج التحول الوطني الذي سيتم إعلانه بعد الرؤية الشاملة بشهر أو ب 45 يوماً. وسيركز البرنامج، كما تنقل «بلومبرغ»، على سبل تعزيز النمو الاقتصادي، وإيجاد فرص العمل، وجذب المستثمرين، وجعل الدوائر الحكومية أكثر خضوعاً للمساءلة. ووفقاً للأمير محمد؛ فإن خطة تحويل «أرامكو» السعودية من شركة للنفط إلى تكتل طاقة وصناعة ستكون مدرجة أيضاً، فضلاً عن مستقبل صندوق الاستثمارات العامة. وتعمل دول الخليج العربي الأخرى، بما في ذلك الكويت والإمارات، على إعادة هيكلة المعونات ومدفوعات الرعاية الاجتماعية للتعامل مع انخفاض عائدات النفط. وقال مسؤولون سعوديون إن الأسعار المنخفضة للنفط أتاحت للحكومة المُضيّ قدُماً في الإصلاحات. وأفاد الأمير محمد «لدينا برامجنا الخاصة التي لا تحتاج لأسعار نفط مرتفعة». ورغم الانخفاض؛ شكَّلت عائدات النفط ما مقداره 73% من إيرادات الحكومة في عام 2015. ونقلت «بلومبرغ» عن وزير الدولة، محمد آل الشيخ، قوله في مقابلةٍ الشهر الماضي إن المملكة تعتزم إعادة صياغة خططها المتعلقة بالميزانية. وأكد آل الشيخ «سابقاً؛ كان المُخطِّطون ينظرون أولاً للإيرادات قبل إقرار المصروفات، وكانت الحكومة تزيد من الصرف بمعدل 25 إلى 30% سنويّاً» و«هذا العام؛ قمنا بعكس وهيكلة العملية، حيث بدأنا بالمصروفات وقمنا بتوجيه تركيزنا على هذا الجانب، ثم نُحدِّد طريقة تمويل ذلك عن طريق مصادر الإيرادات المُختلفة». ومع تفعيل هذه العملية الجديدة؛ أبان آل الشيخ أن المملكة ستكون قادرة على الحفاظ على نمو إنفاق من 3 إلى 5% سنويّاً، مع الوصول إلى ميزانية متوازنة بحلول عام 2020. ووفقاً ل «بلومبرغ»؛ أبان الأمير محمد بن سلمان أن انشغاله بالسياسة المالية للبلاد بدأ قبل موجة الهبوط في أسعار النفط الخام. وقال «أكثر ما أقلقني كان حينما ارتفعت أسعار النفط إلى أكثر من 100 دولار للبرميل وبدأنا في زيادة إنفاقنا كما لو أن أسعار النفط ستظل فوق حاجز ال 100 دولار للبرميل»، مؤكداً «لحظتها بدأتُ أشعر بالقلق، لم يكن ينبغي زيادة الإنفاق عندما صعدت الأسعار، بل كان ينبغي أن نستخدم تلك الأموال لتمويل البرامج المستقبلية».