بعض الأمراض في عصرنا الحالي لها علاجات مناسبة للقضاء عليها، ولكن هناك أمراض عقلية ونفسية تحتاج إلى علاج من قبل الشخص نفسه للقضاء عليها وعلى مرضه، لأن وجوده في أي مجتمع يفسده، مثل سوء الظن الذي أعتبره مرضا ومن أشد الأمراض النفسية التي تقتل صاحبها قبل أن تقتل من حوله، فسوء الظن بالآخرين شقاء يشقى به الإنسان طوال عمره، إن لم تتداركه رحمة أرحم الراحمين فيعافيه منه. يظل سيئ الظن هذا يفسر كل كلمة وكل جملة وكل حركة وكل نظرة يطلقها الآخرون حسب هواه وحسب ما تملي عليه نفسه المريضة حيث يحملها كل محمل إلا محمل الخير مع الأسف. يراقب تصرفات الناس وحركاتهم فيظن بهم سوءاً، يتمازحون فيما بينهم فيظن بهم سوءاً، يخطئون عن غير قصد فيظن بهم سوءاً، يخاطبونه ويتكلم معهم فيظن بهم سوءاً. ويظل هذا هو حاله حتى يُخيَل إليه أن لا صادق ولا ذا خلق ولا مسلم ولا متدين إلا هو، لا بل الأدهى والأمر أن يظهر لمن يسيء الظن به حسن التعامل والابتسامة في وجهه، فأي إنسان هذا؟! المسلم مأمور بأن يحكم بالظاهر، أما الباطن فمرده إلى الله، نحن لا نعرف نيات الناس ولا قصدهم، قد يكون القصد خيرا ولكن صاحبه لم يحالفه التوفيق في إيضاحه، فلماذا نحكم على هذا الشخص بالسوء والفسق وأنه أسوأ إنسان ونسيء الظن به؟! وقد يتعب نفسه ويتعب من حوله ويحاول أن يظهر للجميع بأنه أفضل الموجودين، رغم أنه أسوأهم ولكنه لا يرى عيبه بل يرى عيوب الآخرين فقط، ولكن ليس بيدي شيء أقوله لأصحاب هذا المرض سوى «أنكم لا ترضون أن يُساء بكم الظن فإن الآخرين كذلك، فأحبوا لإخوانكم ما تحبوا لأنفسكم».