مرت المجتمعات العربية بتجارب ثرية كادت أن تجعلها في مقدمة الدول المتقدمة، خصوصاً بعد فترات الاستقلال المباشر وغير المباشر؛ إلا أن تأصيل بعض الموروثات الفكرية وبروز العنصرية والقبلية في المشهد العام ساهم في وقف عجلة التطور الحضاري. لا أحد يشك أن مجتمعنا متعثر في مشاريع الحداثة، بالرغم من ممارسته أدوات الحداثة كمظهر ولكن دون وعي واهتمام ثقافي، مقتصراً على المحاولات الاستهلاكية بعيداً عن ممارسة الأفكار.. ففي الوقت الذي يغوص فيه الغرب بحثاً عن الابتكار والإبداع والإنتاج والتجديد لا نزال نحن مشغولين بقضايا أهم من ذلك.. نحن مهتمون في تكافؤ النسب في الزواج في حين يتزوجون من الخارج دون سؤال! نبحث عن قنوات فضائية مدفوعة الثمن تمجد قبيلة فلان على علان! نأخذ أكبر جرعات من المواد الدينية التي تحث على السلوك المهذب ومع هذا تجد السباب في مواقع التواصل ورمي المخلفات في الشوارع! نطالب بالتجنيس ليس للأطباء أو المهندسين المتميزين، بل لمن يحمل «ختم» شيخ قبيلة أو شاعرٍ برتبة خوي! نشاهد المفاخرة بالنسب والهياط الاجتماعي ليس في استراحة أو جلسة مقهى، بل في قاعة جامعية برئاسة أستاذ جامعي! يعاني مجتمعنا من ظهور سلطة أخرى وهي العادات والتقاليد الاجتماعية التي أصبحت مع مرور الزمن لائحة ثابته لا يمكن تجاوزها، وأي محاولة لإجراء تعديل أو تحديث لبنود اللائحة فإن النفي يأتي بلا مقدمات! بالمختصر تنطبق علينا مقولة نزار قباني.. لقد لبسنا قشرة الحضارة، والروح جاهلية!