ضحايا التفجيرات والإرهاب في كل بلد يتم تخليد ذكراهم للتعبير عن الحزن على فقدهم، وتذكير الأجيال القادمة بمدى بشاعة الإرهاب الذي واجهوه وضحوا بحياتهم في سبيل حمايتهم. كم تأذت هذه البلاد من الإرهاب، وكم أسرة مازالت تعيش في حزن بسبب إجرام الإرهابيين، لذلك علينا التضامن جميعاً مع تلك الأسر، وتذكير العالم بمقدار آلامهم. على أننا بعد كل عملية إرهابية تحدث نعيد كل شيء إلى ما كان عليه، وفي كل مرة يتساءل فيها العالم: أين أصابكم الدمار؟ نبدأ في فتح ملفات الماضي، ونعدُّ عمليات الغدر التي طمسنا آثارها. أنا معجبة بقدرتنا على إصلاح الأمور ومعالجتها، وإزالة كل الدمار، الذي خلَّفه مَنْ غدر بنا، وحقاً لا يهمني مَنْ يسيئون الظن دائماً في بلدي. هؤلاء الضحايا يحتاجون منا إلى نتذكرهم لا بإقامة التماثيل، أو المباني الشاهقة، التي تحمل أسماءهم، ولا حتى بإشعال الشموع في كل عام، وإنما بأن نعرِّف أجيالنا بتضحياتهم والعناية بأسرهم، وإظهار المحبة لهم، والتضامن معهم، وألا ننسى ما مرت به بلادنا من أحزان بسبب تلك الحرب القذرة التي شُنت عليها. عند كل مسجد قاموا بتفجير، وفي كل بقعة مظلمة غدروا بأحد أبنائنا. لا نريد تكاليف باهظة من أجل أن نضع لوحة تحمل أسماء شهدائنا، وتاريخ حصول المأساة، رغم أن هذا أقل ما يستحقونه بعد أن غُدر بهم دون سبب: لوحة بسيطة، تُذكِّر المارة بهم، وتردع كل مَنْ يفكر في اعتناق ذاك الفكر الغادر. لنزرع في أجيالنا المقبلة الرأفة والمحبة، وكذلك الشعور بما مررنا به من أحزان ومآسٍ، وعلينا ترميم كل ما هُدِّم بيد الغدر والإرهاب. نحن لن نطمس آثار جرائمهم بصورة كاملة، بل سنزرع عند كل «جرم» لوحة، تذكِّرنا بآلامنا، ومقدار الخسائر التي تكبدناها بسببهم، لتعيش ذكرى كل شهيد في كل جيل يأتي من بعدنا. قد لا يعني هذا الأمر شيئاً لبعضهم، لكنه كافٍ ليرسخ في عقولنا، أن هذا الإرهاب لا يمت إلى ديننا، ولا إلى بلادنا بصلة. ستنتهي حقبة هذه الجماعة كما انتهت حقب جماعات سبقتها، حينها سنعتقد أننا قضينا عليها، لكن الإرهاب واحد لا يتغير، يتجدد مع كل جيل، وسلاحنا يكمن في رفضه، وعدم السماح له في الاقتراب منا. دعونا لا ننسى كل ذكرى عانينا فيها من أوجاع حتى إن خرجت جماعة أخرى، وجدت أمامها جيلاً تحصَّن من خلال تلك الذكريات عن هذا الفكر الضال. سنمحو كل آثار جرائمهم، لكننا سنترك زهرة، تحمل أسماء شهدائنا، تُذكِّر الجميع بأفعالهم البطولية ضد هؤلاء الإرهابيين.