وقَّع وزير العدل، الدكتور وليد الصمعاني، ورئيس ديوان المظالم، الدكتور خالد اليوسف، أمس مذكرة اتفاقٍ على نقل الدوائر التجارية والجزائية التابعة للديوان إلى القضاء العام، فيما سيتشكَّل فريق عملٍ مشترك لتنفيذ المتطلبات الإدارية والتقنية. ووصف وزير العدل ما تضمَّنه الاتفاق الموقَّع مع ديوان المظالم ب «نقلة نوعية في تاريخ القضاء التجاري السعودي ستدعم بيئة الاقتصاد والاستثمار في المملكة». وأشار، في تصريحاتٍ صحفية، إلى الدعم الذي يلقاه مرفق القضاء بقسميه العام والإداري من خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، مما ساهم في إحداث هذه النقلة النوعية المتمثلة في التوقيع على وثيقتين مع ديوان المظالم «بغية تطوير مرفق القضاء ودعم استقلاله بما يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية والنظام الأساسي للحكم». وبناءً على الوثيقة الخاصة بالدوائر التجارية؛ سيباشر القضاء التجاري أعماله من خلال محاكم ودوائر متخصصة في عددٍ من مدن المملكة للمساهمة في سرعة إنجاز القضايا. وأوضح الصمعاني، وهو أيضاً رئيس المجلس الأعلى للقضاء، أن اختصاص القضاء التجاري سيتسع ليشمل «نظر جميع المنازعات التي تُرفَع على التاجر بسبب أعماله التجارية» و«نظر جميع الدعاوى والمخالفات المتعلقة بالأنظمة التجارية». وتعهد بالتركيز على التأهيل النوعي للكوادر القضائية في المحاكم التجارية، مُلاحِظاً مراعاة الاتفاق رفع مستوى القضاء الجزائي في المملكة من خلال العمل على مركزيته في القضايا الكبيرة و«جعل بعض القضايا تُنظَر من 3 قضاة بدلاً من قاضٍ واحد سعياً إلى تحقيق مزيد من الضمانات للمتهم في المحاكمة الجزائية». وأكد رئيس ديوان المظالم بدوره أن توقيع وثيقة سلخ القضاء الجزائي من الديوان إلى «العدل» جاء تحقيقاً لتوجيهات وتطلُّعات خادم الحرمين الشريفين واهتمامه بمرفق القضاء. وذكر، في تصريحاتٍ له، أن «الوثيقة حصرت عدداً من الإشكالات المتوقعة في 9 نقاط تتعلق بتداعيات التشكيل المقترح على استقرار المبادئ القضائية في الجرائم التي كانت تختص بها الدوائر الجزائية في ديوان المظالم». وأشار إلى تعلُّق النقاط ال 9 أيضاً بتداعيات التشكيل المقترح على الوضع القائم في المحاكم الجزائية وكيفية معالجته دون إحداث خلل «بالإضافة إلى ما يمكن أن ينتج عن التشكيل من تدافع في الاختصاص أو غير ذلك». وأبان قائلاً «تمَّ اقتراح معالجة مستقلة (…) مراعيةً لما يتعلق بالمتطلبات التنظيمية والإدارية، حيث حصرت الوثيقة القرارات التي يلزم صدورها من المجلس الأعلى للقضاء ومجلس القضاء الإداري والإجراءات التي يلزم مراعاتها». ووفقاً له؛ حُدِّدَ ال 8 من شعبان المقبل موعداً لمباشرة المحاكم الجزائية اختصاصاتها وفق الهيكلة المقترحة بما في ذلك سلخ الدوائر الجزائية في ديوان المظالم. وأفاد الدكتور خالد اليوسف، وهو أيضاً رئيس مجلس القضاء الإداري، بأن التشكيل التفصيلي للمحاكم الجزائية والدوائر والعدد اللازم من القضاة لشغلها أرفِق بالوثيقة. وقدَّر عدد القضايا الجزائية المنظورة حالياً بأكثر من 4300 قضية، مُبدياً ارتياحه لمهنية التنسيق بين وزارة العدل وديوان المظالم. وتستهدف وثيقة المحاكم الجزائية التي وقَّعها الصمعاني واليوسف إعادة هيكلة هذه المحاكم ووضع الآلية لنقل الدوائر الجزائية التابعة لديوان المظالم إلى القضاء العام. وتتضمن الآلية عدداً من المبادئ منها تشكيل المحاكم الجزائية بما يتفق مع نظام القضاء، وأن يكون عمل الدوائر الجزائية في ديوان المظالم مرتبطاً بدوائر متخصصة في المحاكم الجزائية و»يُضافَ إليها الاختصاص بنظر جميع القضايا المحكومة بنظام كقضايا جرائم المعلوماتية وجرائم غسل الأموال باستثناء قضايا المخدرات». وسيجري تقسيم المحاكم الجزائية إلى 4 مستويات؛ يشمل أوَّلها المحاكم التي يدخل في اختصاصها نظر جميع القضايا الجزائية، فيما يشمل الثاني المحاكم التي يدخل في اختصاصها نظر جميع القضايا الجزائية باستثناء قضايا التعزير المنظم عدا المخدرات. أما المستوى الثالث فيتعلق بالمحاكم العامة التي تنشأ فيها دوائر جزائية. ويرتبط المستوى الرابع بالمحاكم العامة في المحافظات التي لا يوجد فيها سجن أو محكمة جزائية. وتضمَّن التشكيل الجديد تنفيذ ما ورد في نظام القضاء بأن يكون الأصل في تشكيل الدوائر الجزائية من 3 قضاة، وذلك في القضايا الإتلافية ودوائر التعزير المنظم والقضايا المشمولة بالمادة (38) من نظام مكافحة المخدرات، والاكتفاء فيما عداها بقاضٍ فرد. بينما تفيد وثيقة نقل الدوائر التجارية التابعة لديوان المظالم إلى القضاء العام بتشكيل المحاكم والدوائر التجارية وفق مبادئ من أبرزها أن يكون الأصل في تشكيل الدوائر من 3 قضاة، فيما تُشكَّل دوائر تجارية من قاضٍ واحد تختص بالقضايا «التي لا تزيد الطلبات الأصلية فيها على 100 ألف ريال وليست متعلقة بنظام الشركات أو بوكالة تجارية». وسيقتصر نظر القضايا الداخلة في اختصاص المحاكم التجارية على المحاكم والدوائر التجارية في المحاكم العامة «باستثناء القضايا التي لا تزيد الطلبات الأصلية فيها على 100 ألف ريال وليست متعلقة بنظام الشركات أو بوكالة تجارية، إذ تدخل هذه القضايا في اختصاص المحكمة العامة في المحافظة أو المركز اللذين ليس فيهما محكمة تجارية أو دائرة تجارية». وسيقتصر إنشاء المحاكم والدوائر التجارية على المدن والمحافظات التي توجد فيها حالياً دوائر تجارية تابعة لديوان المظالم. وبعد تحليل الإحصاءات ومتوسطات القضايا في المملكة؛ نصَّ التشكيل الجديد على اقتراح إنشاء محكمة تجارية في الرياض تتألف من 18 دائرة، ومثلها في الدمام من 10 دوائر، وأخرى في جدة من 10 دوائر، مع تأليف دوائر تجارية في المحاكم العامة في كل من: مكةالمكرمة، والمدينة المنورة، وبريدة، وأبها، وتبوك، وحائل، والباحة وسكاكا. وستتألَّف دوائر استئناف تجارية في محاكم الاستئناف في كل من: الرياض، ومكةالمكرمة، والمدينة المنورة، والشرقية، وعسير، كما ستتألَّف دائرة تجارية في المحكمة العليا. إلى ذلك؛ تضمنت الاتفاقية تشكيل فريق عمل مشترك يضم ممثلين عن المجلس الأعلى للقضاء وديوان المظالم ووزارة العدل «لتنفيذ المتطلبات الإدارية والتقنية، ومتابعة تنفيذ المتطلبات التنظيمية، وإعداد تقرير دوري لمستوى التقدم في التنفيذ والعوائق التي تعترضه وما يُقترَح لعلاجها».