المقترح المقدم من مجلس الشورى بإغلاق محلات «التموينات الصغيرة»، أتمنى أن يكون خطوة أولى في طريق تنظيم السوق السعودي المترع بالفوضى كماً ونوعاً بشكل لا يماثله فيه أي سوق في العالم. وفق إحصاءات تقريبية، تقدّر أطوال الشوارع التجارية في مدينة الرياض بحوالي ثلاثين ألف كيلو متر، نهايتها الحتمية محل تجاري كل أربعة أمتار، أي 7.5 مليون محل تجاري في المجمل! أي أن عدد المحال يفوق عدد السكان! هل هذه معادلة منطقية؟! قطعاً لا! هذا يدلل على وجود خلل في التخطيط، نتائجه السلبية نراها ماثلة للعيان على أرض الواقع، أبرزها تآكل المساحات السكنية، وتفاقم النشاط التجاري السلبي، بشكل أدى إلى إغراق السوق بأنشطة لا يحتاجها، وهذا سينتهي بكثير من المشاريع التجارية إلى الفشل، ويلحق بملاكها خسائر مباشرة، وبالاقتصاد الوطني الكلي خسائر بعيدة المدى. كل هذا يستلزم إعادة تقييم الوضع على الأرض، ووضع معايير وضوابط تحد من هذا الإغراق في المحال، والأنشطة. ولعل البداية تكون من وقف الترخيص لمحال جديدة، وتنظيم مواقع الأنشطة القائمة، بحيث يوضع سقف أعلى لعدد الممارسين للنشاط الواحد في كل شارع. نعود لقرار إغلاق التموينات الصغيرة، المملوكة للأجانب – في الأغلب، هي في الحقيقة ليس لها من ميزة نسبية سمحت لها بالتكاثر والاستمرار سوى خدمة توصيل الطلبات، فقد «استثمرت» كسلنا وخمولنا لتعبئ بيوتنا بما فضل من بضائع السوبر ماركت، ومخازن التجار والموردين، الذين يتخلصون منها بثمن بخس قبل أن يأتي عليها تاريخ انتهاء الصلاحية وهي في مستودعاتهم! والمشكلة أنها تبيعنا بأسعار أعلى من السوق، لكننا لا ننتبه لهذا الأمر لأن زيادة ريال أو نصف ريال لا نعبأ بها، إضافة إلى أنها تفتقد للحد الأدنى من الاشتراطات الصحية لسلامة الغذاء، فهي تعتمد تقشفاً يحد من توفير البيئة الصحية اللازمة لسلامة الأغذية، من تبريد، وتكييف، وتهوية، وخلافها.