يلتقي الإنسان في الأماكن العامة بوجوه كثيرة، يعرف بعضها من قبل معرفة شخصية، أو معرفة عامة، ويتعرف على وجوه أخرى، وقد يلتقي مصادفة بشخص، أو أشخاص يعرفهم، ولكنه لم يكن يتوقع وجودهم في ذات الزمان والمكان. في هذا الأسبوع قضيت ثلاثة أيام في معرض الكتاب بالرياض ضيفاً من بين ضيوف وزارة الثقافة والإعلام، الذين استضافتهم في هذه التظاهرة الثقافية الرائعة، ومن بين الوجوه التي التقيتها، الأستاذ محمد بودي، رئيس النادي الأدبي في المنطقة الشرقية، الذي عاد إلى رئاسة النادي قبل مدة، وأهم ما دار بيننا من حديث، كان عن مستقبل النادي، وبرامجه، وأنشطته، ووجدته متحمساً بوعي للنهوض بالنادي في هذه المرحلة. كان البرنامج الثقافي للمعرض حافلاً بالمواضيع، التي تم اختيارها بعناية، وامتازت بالتنوع، الذي يلبي كافة المشارب، حضرت منها ثلاث ندوات. الندوة الأولى كان عنوانها: «الفضاء الرقمي: مبدعون وأدعياء»، وأدارها الدكتور سامي العجلان، بعناية تميزت بدقة الوقت المحدد لكل واحد من المشاركين الأربعة، واستطاع الأستاذ محمد سناجلة في مشاركته، وعنوانها: تجربة الإبداع الرقمي العربي «الرواية نموذجاً»، أن يقرِّب الصورة للحاضرين بشكل عملي من خلال عرض متقن لروايتَين رقميتَين. كانت الندوة الثانية بعنوان: «ثقافة الترفيه: الدوافع والموانع»، شارك فيها ثلاثة محاضرين، كان أولهم أ.د. ميسرة طاهر، ومما قاله، حاثاً على الضحك، ومبيناً فوائده: إن الزوجة التي تعاني من شخير زوجها عليها أن تُضحكه قبل نومه؛ لتتوقف سيمفونياته الشخيرية! أما د. محمد الدحيم، فقد أكد في حديثه على أهمية تغيير المفاهيم، واعتبر أن المفاهيم عتبة، وبيَّن أن المقصود بكلمة: «أجملوا» الواردة في حديث الرسول، صلى الله عليه وسلم: «لن تموت نفس…». هو سلوك الطرق الجميلة في الطلب، وقال: «الجمال هو الطريق الوحيد للرفاه». وجاءت الندوة الثالثة بعنوان: «ذاكرة الإدارة تجارب في إدارة المنصب»، شارك فيها ثلاثة محاضرين متميزين هم: معالي د. مدني عبدالقادر علاقي، وزير الدولة السابق، ومعالي الفريق طيار متقاعد عبدالعزيز بن محمد هنيدي، قائد القوات الجوية السابق، والمهندس خالد بن عبدالله الملحم، المدير التنفيذي لشركة الاتصالات السعودية السابق، ومما قال الفريق هنيدي: إن السرعة والدقة عنصران مهمان جداً لدى متخذ القرار، وأن على المواطن السعودي أن يعمل على تحقيق طموح خادم الحرمين الشريفين لرفعة الوطن. وأبدى خلال حديثه فخره الشديد برجال القوات المسلحة، ورجال الأمن، وقال: إن سنوات بناء وتطوير القوات المسلحة آتت ثمارها في عاصفة الحزم، وإعادة الأمل، وفي «رعد الشمال»، وأن القوات الجوية أثبتت قدرة عالية في الردع. وذكر أنه، وبعض زملائه، قادوا الطائرات قبل أن يتعلموا قيادة السيارة، وأكد على أهمية أن تكون اجتماعات العمل في وقت مبكر من اليوم، وأن طلب إيجاز من المرؤوسين عن بعض المواضيع مهم جداً في إدارة الوقت، وأنه يحبذ كلمة تحديات على كلمة مشكلات، وأن الاهتمام بالأفراد أمر مهم جداً، وعلى القائد أن يتحلى بضبط أعصابه بشكل عالٍ جداً، وعليه أن يُحسن اختيار مدير مكتبه، أو سكرتيره، وأنه تعلم من الطيران أهمية التفحص بشكل دقيق حتى في حقيبة السفر، وأكد على أهمية الاستشارة، والتوازن، وعلى عدم حمل الأعمال المكتبية إلى المنزل. وفي ثنايا حديثه، استغرب انقطاع الطلاب والطالبات عن المدارس قبل الإجازات الرسمية، وتأخرهم في العودة بعدها، وأبدى أمله في أن يعالج وزير التعليم هذا الأمر الخطير. وفي إجابته على سؤال حول العمل تحت رئاسة رجل، أو امرأة، قال الدكتور مدني: إنه يتمنى أن تكون المرأة السعودية قد حققت تطوراً جيداً في العقدين الماضيين. أما م. خالد الملحم، فقد استعرض سيرته الوظيفية، وتجاربه بوقفات سريعة بدءاً بعمله مهندساً مدنياً في القوات المسلحة، وانتقاله إلى صندوق التنمية الاقتصادية، ومروراً بالبنك السعودي البريطاني، ثم انتقاله إلى شركة المراعي، التي غادرها إلى «الاتصالات السعودية»، وساهم في عملية تحويلها إلى شركة مساهمة، وهي أول تجربة خصخصة في القطاع الحكومي. وتحدث عن أهم العناصر المؤثرة في عملية الخصخصة، وهي: «الدولة، والمستهلك، وقطاع الأعمال، والموظفون». وبيَّن علاقة كل عنصر، وأثره. سألت م. خالد الملحم، عن رأيه الشخصي في خصخصة «الخطوط السعودية»، فقال: لم يعد الأمر خياراً. وقفة: لقد عشت لحظات سعادة لا توصف، عشتها وأنا أنظر فيها إلى ابنتي «أمجاد» وهي توقِّع إصدارها الأول، رواية: «هروب إلى حيث كنت» في المنصة الرئيسية لمعرض الرياض الدولي للكتاب.