نظم النادي الأدبي بالرياض محاضرة بعنوان (الرواية في السعودية ومنهجية الخطاب النقدي) للدكتور سلطان القحطاني. قدم لها د. عبدالله الحيدري مرحبا بالضيف ومعرفا بأبرز عطاءاته الفكرية. بعدها بدأ د. سلطان القحطاني المحاضرة معرفا الرواية بانها فن المدينة ولغة عصر الصناعة والتقنية والمشاكل الناتجة عنها هذا ما يعرفونها بها في أوروبا بعد الثورة الصناعية. وتساءل عن كيفية ظهور الرواية في مجتمع الجزيرة العربية مع ارتفاع نسبة الأمية. وهذا السؤال جعل بعض الدارسين يؤمنون بان الجزيرة العربية بلد شعر وليس بلد رواية واشتهر السؤال الساذج في رأي سلطان هل عندنا رواية؟ والإجابات كانت جاهزة على طريقة تفسير الأحلام (ليس عندنا رواية). بعدها أشار الدكتور الى الاحتمالات حول ظهور الرواية في الثلث الأول من القرن العشرين معددا اياها في ثلاثة احتمالات. 1 ضعف النتاج الشعري وتقليديته. 2 دخول القصة المترجمة الى العالم العربي والإسلامي. 3 ظهور الرواية في بعض البلاد العربية واعجاب الأدباء بأساليب كتابها. بعد تفصيل هذه الاحتمالات ذكر العوامل التي جعلت الأديب السعودي يقبل على هذا الفن على ما فيه من التشويه, ذكر منها: أولا: مصادر الثقافة الحديثة (المدارس, المطبوعات..). ثانيا: وجود الأدب التقليدي الضعيف (شعرا أونثرا) وشعور الأديب بالحرج, عندما يقارن ما يصله من البلاد العربية كما يجده في أدب الجزيرة العربية. ثالثا: شجاعة كل من سرور الصبان, حيث قام بجمع شعر ونثر الشباب الحجازي في كتابين, وما قام به محمد سعيد عبدالمقصود وعبدالله بالخير حيث جمعا الشعر والنثر في كتاب (وحي الصحراء). رابعا: تأثر الأدب الحجازي وأدب شرق الجزيرة العربية بالمدرسة المصرية الحديثة. خامسا: ظهور قناة ثقافية بظهور جريدة (ام القرى) والدور الأبرز في التعريف بالرواية كان جريدة (صوت الحجاز).بعدها انتقل المحاضر للمحور الثاني متناولا فيه (الرواية الفنية) حيث رأى انه ظهر بين الفترتين الفنية والتعليمية عدد من القصص الطويلة عدها بعض الدراسين من الرواية ولم يوجد فيها شيء من شروط الرواية مثل (سمراء الحجازية) (الزوجة والصديق) (غربت, الشمس) ومجموعة قصصية طويلة لسعيرة بنت الجزيرة, صدرت هذه الأقاصيص قبل وبعد صدور الرواية التي غيرت الوجهة التعليمية الى الفنية وهي رواية (ثمن التضحية) لحامد دمنهوري عام 1959م. بعدها صدرت رواية للكاتب ابراهيم الناصر الحميدان (ثقب في رداء الليل) عام 1960م ولم تكن على مستوى رواية الدمنهوري إلا ان الحميدان تطور في روايته الثانية (سفينة الموتى) 1969م. هذان الكاتبان غيرا وجه الرواية من التعليمية الى الفنية في تلك الفترة, حتى ظهرت الدماء الجديدة بعد عام 1980م مثل هند باعقار, عائشة زاهر وغالب حمزة ابو الفرج. ومحمد عبده يماني وروايته (فتاة من حائل) التي لم تنل حظها من النقد, وتوالت الروايات من سعيد الدين عاشور, وطاهر عوض سلام, فؤاد صادق مفتي.لكنها لم تحظ بالنقد المنهجي بسبب ضعف النص وانشغال النقد بالشعر الجديد ثم الحداثة في أواخر الثمانينيات. المحور الثالث تناول فيه (الرواية المضادة) معرفا مصطلح الرواية المضادة كمصطلح اجتماعي سياسي غربي تم استخدامه في السبعينيات. تحدث عن توجهات الرواية: (في العقد العاشر) من توظيف للأسطورة والتراث, والخروج من نفق الرومانسية الضيق الى فضاء الزمان والمكان الروائي. ولم تعد رواية سيرة بل أصبحت السيرة رواية فنية, وشهدت المرحلة خروج الكتاب من قوالب التقليد والاقتداء بالروائيين العرب (كالطيب صالح ونجيب محفوظ). وقسم الاتجاه في هذه المرحلة الى ثلاثة فروع: الأول: (رواية ناضجة فيها تمرد على التبعية الثقافية والاجتماعية وخروج عن المألوف الاجتماعي ونقد المسكوت عنه, من خلال الاستناد الى مخزون الذاكرة في رصد الوقائع ومن هذه الأعمال (شقة الحرية) روايات تركي الحمد رواية (فردوس اليباب) ورواية (الموت يمر من هنا).وفي تقسيم الأعمال يرى انها روايات نقلية بالمفهوم العربي للعقل الذي لا يعترف به النقد العربي الحديث ما عدا العملين الأخيرين للجهني وعبده خال.ثم اعتبر ان احمد الدويحي, ناصر الجاسمو رجاء عالم, عيل الدميني كتبوا الرواية بدم جديد لكن تغلب عليهم السريالية واللغة الحداثية. اما قماشة العليان, صالح العديلي, عبدالله المعجل, عبدالله التعزي, عبدالرحمن الدرعان, عبدالحفيظ الشمري تعاملوا في إبداعهم مع طبقات المجتمع بلغة سهلة, فلمسوا جراح المتلقي وشاركوه هم الحياة.وتساءل الدكتور سلطان القحطاني: هل استطاع النقد ان يتعامل مع هذه الأجناس من الفكر الروائي من خلال منهجية علمية تكون وسطيا بين المبدع والمتلقي. وفي رأية ان النقد لم يكافأ الانتاج الروائي فلا يزال النقد نظريا لم يستطع إعادة صياغة النص الروائي من جديد بصبغة حديثة وسهلة وما زالت بعض الألفاظ تكرر مثل العالم السفلي والعلوي وعدم التميز بينهما.وختم محاضرته منتقدا تكالب الشعراء والسياسيين والقصاصين على كتابة الرواية لانها الرائجة في السوق, واستثنى من ذلك تجربة ابراهيم الحميدان, عبدالحفيظ الشمري من القصاصين. في نهاية المحاضرة تداخل كل من د. حسين المناصرة, وحسين محمد ود. صالح بن معيض الغامدي و أ. راضي صندوق. د. ابوالرضا واحمد السعدي انتقدا تجاهل الدكتور للمراحل التي مرت بها الرواية من المرحلة الكلاسيكية الى مختلف المراحل. أ. محمد عقدة تساءل عن تصنيف الروايات السعودية المكتوبة بلغة أجنبية كرواية (الحزام) للاستاذ أحمد بودحمان.وفي ختام الأمسية أجاب الدكتور عن المداخلات وفي جواب لسؤاله عن منبع الرواية السعودية. اعتبر الحجاز هو المنبع الذي توفر فيها من مصادر ودوريات ودور نشر متقدمة بسبب وجود الحرمين. د. تركي الحمد عبده خال