أكد قادة عسكريون وخبراء سياسيون أن تمرين «رعد الشمال» من أضخم التمرينات العسكرية في منطقة الشرق الأوسط، وحمل عديداً من المضامين العسكرية والسياسية والأمنية، مبينين أن رعاية خادم الحرمين الشريفين ختام فعاليات التمرين بحضور قادة الدول العربية والإسلامية دلالة واضحة على اهتمام قادة الدول العربية والإسلامية بتوحيد الرؤى تجاه ما يهم سيادة دولهم وأمنها واستقرارها وردع محاولات المساس بها أو التدخل في شؤونها. ووصف الفريق متقاعد عبدالعزيز هنيدي تمرين «رعد الشمال» بأنه من أكبر التحالفات العسكرية في المنطقة من حيث ضخامة عدد القوات المشاركة والعتاد العسكري المستخدم بمختلف أنواع صناعاته في القطاعات البحرية، والجوية، والبرية. وقال: إن وجود تحالف بهذا الحجم في التمرين هو عمل مميز يندر وجوده في العالم وفيه أهداف مشتركة تدعم تطوير قدرات الدول المشاركة، وأمر تاريخي ندر وجوده بهذا التكتل العسكري في وقت قياسي ومكان محدود، مبيناً أن ما يزيد من تميز «رعد الشمال» مشاركة نخبة من القادة العسكريين المعروفين بخبرتهم في إدارة عمليات الحرب، حيث أضاف وجودهم كثيراً من الإتقان في الأداء العسكري، كما لو كان التمرين صورة افتراضية عن واقع الحرب. وأكد أن التمرين حمل رسالة واضحة عبّرت مضامينها عن قوة الردع التي تملكها المملكة مع الدول العربية والإسلامية المشاركة ضد من تسوِّل له نفسه التعدّي على حدودها، كما تعبّر عن روح التكاتف القوية بين الدول المشاركة، وتعزيز رؤية قيام تحالف إسلامي واسع كما أعلن عنه ولي ولي العهد. وأشار إلى أن اختلاف المعدات القتالية المستخدمة في التمرين زادت من مستوى فهم اللغة العسكرية خلال عمليات الحرب بين القوات المشاركة، وعرّفتهم على أنواع وأهداف الأسلحة الممكن استخدامها في الحروب، ورفعت من مستوى خبرتهم القتالية وإدراكهم لاستخدامات الأسلحة العسكرية البحرية والجوية والبرية. من جانبه، قال اللواء طيار ركن متقاعد سعيد الغرابي، إن التمرين بمنزلة الخطوة الأولى لولادة وحدة عربية إسلامية ضد التحديات التي تواجهها ولتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة، ويبين من جهة أخرى دور المملكة الإقليمي والعالمي في توحيد الرؤى الإقليمية والدولية للقضاء على الإرهاب الذي تجاوزت جرائمه حدود الإنسانية. ووصف المحلل العسكري الأستاذ في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية اللواء دكتور جمال مظلوم، التمرين بأكبر تجمع عسكري في منطقة الشرق الأوسط حيث شاركت فيه 20 دولة منها 7 من قارة آسيا و7 من قارة إفريقيا، و6 دول إسلامية 3 من آسيا و3 من إفريقيا، مؤكداً أن هذا التجمع العسكري الضخم يأتي ضمن جهود المملكة لدعم وحدة الصف العربي والإسلامي. وأشار إلى أن «رعد الشمال» تميّز بوجود أعداد كبيرة من الجيوش المتمرسة على القتال الحربي وفق نظم عسكرية مختلفة تستخدم أحدث الأسلحة العسكرية المصنوعة في العالم، مشيداً بقدرات المملكة العسكرية والفنية في استضافة هذه الأعداد الكبيرة وتنظيم التمرين على مساحة محدودة وفي وقت معلوم، الأمر الذي يعزز الانسجام المتبادل بين القوات المشاركة على الرغم من اختلاف تدريبات هذه القوات وأسس تكوينها العسكري. وبدوره، قال اللواء طيار ركن متقاعد سعيد بن سعد الحزنوي: إن «رعد الشمال» يعكس مدى قدرة القيادة الحكيمة للمملكة سياسيّاً وعسكريّاً، وجهودها الكبيرة في جمع الكلمة العربية والإسلامية، وفيه أبعاد مهمة تفيد الجيوش في صنع المواءمة ما بين المشاركين، وإيجاد قيادة عسكرية تستطيع إدارة العمليات بالرغم من اختلاف إعدادها في بلدانها. وأوضح أن القدرة على استيعاب هذه الجيوش والعمليات المطلوب تنفيذها على مسرح العمليات بشكل سليم يعد نجاحاً كبيراً 22، مفيداً أن مشاركة مختلف القوات بما في ذلك القوات الجوية وما يتبعها من أسلحة، وإمداد، ووقود، ووسائل تخزين ونقل، وأجهزة استطلاع، وطيران رصد جوي، يوضح أن القوات المسلحة السعودية قادرة على الدفاع عن الوطن – بإذن الله- والتأقلم مع مختلف القوات الأخرى مهما اختلفت مصادر تسليحها، أو تدريبها، أو معداتها. أما المحلل السياسي الدكتور فهد الشليمي فقد أشار إلى أنه من النادر جدّاً حضور قادة دول لتمرين عسكري، إلا أن «رعد الشمال» استطاع أن يفعل ذلك وفق رؤية سياسية استراتيجية ترمي للوقوف ضد الدول التي تغذي وترعى الإرهاب سواء كان إقليميّاً أو دوليّاً. وقال: إن حضور قادة الدول العربية والإسلامية كشف عن تفاهم قادة الدول حول أولويات مشكلات الأمة وفي مقدمتها معضلة الإرهاب، وضرورة مكافحته في ظل عجز التحالف الدولي عن مكافحته منذ عام ونصف العام، مبيناً أن هذا التجمع العسكري رسالة رادعة لأي تهديد لأمن المنطقة، وفيه إجماع عربي وإسلامي على دعم جهود المملكة في الحرب ضد الإرهاب الدولي الذي لا يرتبط بدين أو طائفة. وعلق أستاذ العلوم السياسية في جامعة الملك سعود الدكتور طلال ضاحي على التمرين بالقول: إن هذا التجمع العربي الإسلامي تشكّل بوعي عالٍ تتمتع به الدول العربية والإسلامية استشعاراً بالأخطار التي تحيط بها، وأكد تضامن هذه الدول بشكل عملي واضح ضد من يحاول التدخل في شؤونها. وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الملك سعود الدكتور سرحان العتيبي من جانبه، إن تمرين «رعد الشمال» يوضح أن الدول العربية والإسلامية إذا اجتمعت في موقف واحد وهدف واحد فهي قوة لا يستهان بها تجاه أي تهديد يحاول المساس بها.