في إحدى السير الذاتية لأحد المتطرفين، وهو يسرد بداية دخوله في التنظيمات الإرهابية، قال عند سؤاله عن الأسباب، التي جعلته ينضم إلى هذه التنظيمات، حسبما يذكر أحد المقربين منه، إنه في بداية مراهقته كان مولعاً بلعبة كرة القدم، واقترح على فريقه جمع مبلغ من المال لإنشاء ملعب خاص بهم في إحدى حواري حي النسيم بمدينة الرياض، ليمارسوا فيه هوايتهم الوحيدة خلال وقت فراغهم. يذكر أن المتطرفين، و«محاربي الحياة»، كانوا يأتون إلى ملعبهم فيخرِّبونه تماماً بذريعة أنه يُلهيهم عن ذكر الله، وحينما ضاقوا ذرعاً بتلك التصرفات، وتدمير ملعبهم تدميراً كاملاً، لم يجدوا شيئاً يقومون به بعد «إجهاض موهبتهم» سوى الانضمام إلى تلك «المخيمات المشبوهة»، التي غرست فيهم التطرف بداعي الدعوة، وحضور «جلسات الذكر». سقتُ هذه المقدمة مع فارق التشبيه، وأنا أشاهد خلال الأسبوع الماضي ما قامت به بلدية النسيم بإزالة ملاعب الحواري في الحي، وتدميرها تدميراً كاملاً دونما سابق إنذار، أو تبليغ لأصحاب تلك الملاعب، التي كلَّفهم بناؤها مبالغ كبيرة دفعوها من «دماء قلوبهم»، «ما يقارب 100 ألف ريال». لا أعرف لماذا قامت البلدية بهذا التصرف، وهي تعد جهة حكومية من المفترض أن تدعم مثل هذه المشاريع، وألا تقوم بما قامت به مهما كانت الأسباب والدواعي وراء ذلك. هؤلاء الشباب، الذين يقيمون دورات كروية، تحمل أسماء «شهداء الوطن» بجهودهم الشخصية، ويُموِّلونها من جيوبهم الخاصة، ويدعون إليها شخصيات رياضية بارزة، هذا إضافة إلى إنشائهم رابطة اتحاد الحواري، يجب أن يتم تكريمهم من قِبل وزير الشباب والرياضة لا هدم ملاعبهم. كما أنهم يدعمون تلك الدورات بما يضاهي دعم البلديات لها، هذا لو أنها وافقت على أن تدعمها! وهم يقضون أوقات فراغهم فيها بممارسة الرياضة التي تفيدهم، وتُنمِّي قدراتهم ومواهبهم، وتساهم في إعداد أجيال، يتمتعون بالصحة، وتحفظهم من الانزلاق نحو المجهول. نأمل من بلدية النسيم أن تعيد النظر في قرارها لكيلا يصبح هؤلاء الموهوبون فريسة سهلة الاصطياد للإرهابيين حينما لا يجدون متنفَّساً لهم سوى في الأماكن المشبوهة!