عاد السوريون إلى التظاهرات ضد نظام الأسد مع دخول الهدنة الهشة حيز التتنفيذ، لكن هذه المرة يتظاهرون بين الأنقاض، لكن دون أن يغيروا شعاراتهم التي أطلقوها قبل خمس سنوات «الشعب يريد إسقاط النظام» و»الشعب السوري واحد» إلى آخر تلك الشعارات التي أطلقها السوريون يوم الجمعة الماضي عائدين بالتاريخ إلى خمس سنوات، مؤكدين إصرارهم على وحدة بلدهم وإسقاط النظام، المشهد نقلته عدسات الكاميرات ليس مارس 2011 بل هو مارس 2016 بعد القتل والقمع والتهجير والتدمير والإبادة والاحتلال، يكرر السوريون «الشعب يريد إعدام الرئيس». المظاهرات انطلقت في اكثر من 104 نقاط تظاهر من شمال سوريا إلى جنوبها، من حلب وإعزاز إلى درعا وبصرى ونوى إلى حمص والرستن وتلبيسة المحاصرتين إلى محافظة إدلب ومدن معرة النعمان وسراقب إلى الغوطة وريف دمشق من جوبر وسقبا ودير العصافير وداريا ودوما والمعضمية هذه المدن التي لا تزال محاصرة وتعاني الجوع. «الشرق» تحدثت إلى أمين عام الائتلاف السوري السابق نصر الحريري حول هذا التحرك الشعبي الواسع قبل أن تكمل الهدنة أسبوعها الأول، التي طالما وصفت بالهشة وتتناوب قوات الأسد مع حلفائها من الميليشيات وطائرات روسيا خرقها وقتل الأبرياء يوميا. وأكد نصر الحريري، أن خروج المظاهرات في كل أنحاء سوريا خلف راية وعلم الثورة أنهى حلم الأسد بتصوير الثورة على أنها «داعش» وأن السوريين «إرهابيون» وقال الحريري: إن وقف إطلاق النار لصالح الثورة لأن النار أطلقها منذ البداية نظام الأسد على المدنيين العزّل، والشباب السوري لم يحمل السلاح إلا لحماية نفسه والدفاع عن أهله في وقت أدار المجتمع الدولي ظهره للشعب، وأضاف الحريري أنه وبعد خمس سنوات من القتل والتدمير والتهجير وقمع الثورة وبأول فرصة يخف فيها استخدام العنف الذي تطور إلى قصف المدنيين بالطائرات عادت الثورة السورية إلى حقيقتها على كامل الجغرافية السورية من حلب شمالاً إلى درعا جنوباً وعادت نفس الشعارات التي أطلقها السوريون بإسقاط النظام والشعب السوري واحد، ويرفض التنظيمات الإرهابية التي أتى بها النظام ك «داعش» لكنهم يؤكدون اليوم وبعد خمس سنوات على التهجير والتدمير أن على الأسد الرحيل وليس أمامه سوى هذا الخيار ويقولون «سنواجهك في كل مكان»، في الاعتصامات والتظاهرات وفي الميدان. وأوضح الحريري أن الهدنة ووقف إطلاق النار ليسا في مصلحة النظام لأنه هو من أطلق النار على المتظاهرين السلميين، وهو من استقدم كل أنواع القتلة من الميليشيات اللبنانية إلى الإيرانية إلى العراقية فالأفغانية لقتل وتهجير الشعب السوري الذي طالب برحيله، وهو من استخدم الحصار لإركاع هذا الشعب بالتجويع، ولهذا دائما ما يعرقل ويرفض هذا النظام إدخال المساعدات الإنسانية، فالنظام ليس من مصلحته نجاح الهدنة وتطبيق القضايا الإنسانية لأن ذلك سيعيد للثورة وجهها الحقيقي، وتعود المظاهرات إلى الشارع وهذا بالفعل ما يحصل اليوم، ولم يكن يتوقع النظام وحلفاؤه عندما وافقوا على الهدنة أن السوريين سيعودون للتظاهر وفضح كل ما حاول طمسة عن حقيقة الثورة السورية، عبر ما جلبه من إرهابيين ومن متطرفين لتصوير الثورة السورية أنها مجموعة من الإرهابيين وينسي العالم أن الثورة كانت سلمية، وأضاف الحريري أن ضد العملية السياسية لأنها ستحقق الانتقال السياسي وزوال النظام عبر المفاوضات. وحول تأثير هذه المظاهرات على مواقف القوى الكبرى المؤثرة في مسار الأزمة السورية وخاصة واشنطن وموسكو قال الحريري إن عديدا من القوى الكبرى كانت إلى جانب الأسد على الرغم من إطلاق التصريحات الجميلة ك «الأسد فقد شرعيته وعليه أن يرحل»، لكن في الحقيقة فإن واشنطن منعت عن ثوار سوريا كل ما يؤدي إلى إسقاط الأسد ولم تتحرك هذه الدول ضد الأسد عندما استخدم الأسلحة الكيماوية ضد الأبرياء، كما أنها لا تزال ترفض تسليح الثوار بأسلحة تمكنهم من إسقاط النظام وطرد الميليشيات الإيرانية على جميع أنواعها. وأضاف الحريري أن قوى عالمية راهنت على تحطيم الثورة واستمرار النظام، وكل ما يحدث من تهجير وقتل وحرب إبادة لم يحرك هذه العواصم بل رفعوا مظلتهم فوق القاتل بشار الأسد، وأكد الحريري أن المظاهرات التي انطلقت في أول يوم جمعة من عمر الهدنة تؤكد أن الشعب السوري يرفض ثنائية الاستبداد ممثلاً بالأسد والإرهاب ممثلاً ب «داعش»، فهو صاحب الأرض والحق بالعيش بسلام وحرية وعبر الشعب السوري بشكل واضح عن أهدافه ومواقفه من خلال التظاهرات والشعارات التي رددها المتظاهرون. وختم الحريري بالقول إنه أمام نهوض هذا الشعب العظيم الذي حمل أكثر من رسالة لقادة العالم الذين تجاهلوه وبشكل خاص المبعوث الأممي ستيفان ديستورا الذي يريد أن يقيم الحل السياسي في سوريا على جثث الشهداء الذي قتلهم الأسد وميليشياته، والغازات السامة والقنابل العنقودية والأسلحة الكيماوية اعتقد النظام وحلفاؤه أنها ستوهن من عزيمة الشعب وتخضعه للأسد من جديد، وأردف الحريري الشعب انطلق هذه المرة من بين الدمار والحصار للتعبير عن مواقفه ورفضه لهذا النظام القاتل، وأمام هذا النهوض للشعب السوري العظيم سيعيد قادة العالم والنظام وحلفاؤه حساباتهم في المرحلة المقبلة.