لا تبدو الهدنة، التي أقرتها كل من واشنطن وموسكو في سوريا، قابلة للنجاح، وأن تكون مقدمة لسلام حقيقي في هذه البلاد، التي تحوَّلت إلى ساحة قتال على مدى 5 سنوات، وهذه الهدنة لاتزال مهددة بالانهيار بسبب عدم التزام نظام الأسد، وموسكو بها من حيث استمرار الضربات الجوية ضد قوى المعارضة، ومحاولات قوات الأسد التقدم على الأرض. كما أن اتفاق الهدنة الذي يجب أن يكون مقدمة لاستئناف المفاوضات من أجل الوصول إلى حل سياسي للأزمة السورية، لم تُطبَّق أيٌّ من بنوده الأخرى، فالمساعدات الإنسانية لم تصل إلى محتاجيها، وكذلك لم يتم إطلاق سراح المعتقلين من سجون النظام، والقرار 2254 الذي احتوت مقدمته على الالتزام بوحدة الأراضي السورية، ويربط بشكل واضح بين وقف إطلاق النار، وانطلاق العملية السياسية، لم يطبق أيضاً، ولم يحصل التزام بالهدنة، كما تم تسجيل عشرات الخروقات من قبل النظام وحلفائه، والعمليات القتالية لاتزال متواصلة، بالتزامن مع تصريحات روسية تتحدث عن التقسيم. المبعوث الأممي ستافان ديمستورا، وقادة دول، لاتزال ترمي بثقلها العسكري لصالح الأسد، لايزالون يرددون عبارة أن مستقبل الأسد يخص السوريين، وكأن السوريين لم يقولوا كلمتهم بعد بشأن هذا السفاح، فمنذ 5 سنوات والمظاهرات السلمية في جميع أنحاء سوريا مستمرة تطالب بإسقاط النظام، وكان رد الأسد على مطالب شعبه أن قام بقتلهم وتدمير منازلهم وتهجيرهم من قراهم ومدنهم، وإجراء عملية تطهير وتبديل ديموغرافي في البلاد، وجلب كل أنواع القتلة والمرتزقة من حزب الله اللبناني، إلى الميليشيات العراقية والإيرانية والأفغانية، كيلا يستمع إلى مطالب السوريين أصحاب الحق والأرض. كيف سيقرر السوريون مصيرهم ومستقبل الأسد، إذا كان حماة الأسد أرسلوا طائراتهم وميليشياتهم الطائفية، التي لاتزال تقتل، وتقصف، وتحرق الأراضي السورية؟! أوليس من المفترض وقبل البدء بأي عملية سياسية أن تخرج جميع هذه القوات من سوريا ليقرر السوريون مصير بلادهم؟! السوريون يعيدون اليوم كلمتهم بضرورة رحيل الأسد، فما إن بدأت الهدنة الهشة حتى عادت المظاهرات السلمية، التي تطالب برحيل الأسد.