أكد عدد من الأكاديميين تميز عدد كبير من المعلمين والمعلمات من منسوبي التعليم العام الذين واصلوا دراساتهم وحصلوا على شهادات عليا، وانتقالهم للعمل في الجامعات السعودية، خصوصا من تولى منهم مناصب قيادية في تلك الجامعات، يأتي ذلك مع ما أثاره بعضهم خلال فعاليات المؤتمر السابع للجمعية السعودية للعلوم التربوية والنفسية (جستن)، الذي اختتم أعماله أمس الأول، من أن الاستعانة بهؤلاء في التدريس في الجامعات سيحدث خللا في الميدان التربوي. وأوضح الدكتور عبداللطيف العبداللطيف بأن ما طرح في مؤتمر «التكامل التربوي بين التعليم العام والتعليم العالي» في رحاب جامعة الملك سعود بالرياض، من آراء لبعض المشاركين بخصوص هذا الخلل أمر غير صائب، مؤكداً بأن العديد من المعلمين الذين منحت لهم الفرصة للعمل في الجامعات السعودية حققوا نجاحا كبيراً وأظهروا تميزاً ملحوظاً من خلال عملهم. وقال: كنا نأمل أن يحدث المؤتمر تقاربا وتناسقا بين جناحي وزارة التعليم، إلا أن مثل تلك الرؤى لدى بعض القيادات في الجامعات، تشير إلى حجم الفجوة الكبيرة لدى أكاديميي الجامعات، وأصحاب القرار فيها في نظرتهم للتعليم العام ومنسوبيه، التي تحتاج إلى إعادة نظر لعدة أسباب منها: قدرة المعلمين والمعلمات الذي مارسوا العمل في الميدان التربوي وواصلوا تعليمهم الأكاديمي في تدريس طلاب الكليات وتعليمهم، وربط ذلك بالخبرات الثرية التي خاضوها، كما أنهم أكثر كفاءةً في سبر مواطن التحسين التربوي، والبحث العلمي لوقوفهم على الفرص والتجارب في الميدان بأنفسهم، وتضم الجامعات العديد من الأساتذة غير السعوديين الذين حصلوا على الشهادات العليا أثناء ممارستهم العمل كمعلمين. وطالب العبداللطيف بوضع معايير وضوابط موحدة يتم على أساسها قبول من يرغب في الالتحاق بالجامعات السعودية. من جهته أشار الدكتور عبدالكريم المطرودي إلى أن ما يقال إن نقل المعلمين والمعلمات الحاصلين على المؤهلات العليا للجامعات أو حتى الاستفادة منهم سيحدث خللاً في الميدان التربوي غير صحيح، خصوصاً أن الكثير منهم يشغل مواقع وظيفية لا تتناسب مع مؤهلاتهم العلمية، مشيراً إلى أن الهدف الأسمى الذي كان يسعى إليه المعلمون من مواصلة دراستهم العليا، هو تطوير العمل التربوي بشكل أكبر، وفي مواقع أعلى يستطيع من خلالها توظيف ما تلقاه من علوم واطلع عليه من أبحاث علمية وتربوية. وقال إن الخلل التربوي يكمن في وجود أصحاب المؤهلات العليا من منسوبي التعليم العام في مواقع يستطع شغلها من هو أقل منهم تأهيلاً، أما عدم استثمارهم في التعليم العام أو التعليم العالي فهو هدر تربوي وفاقد كبير في الجهد والمال والوقت وسيساهم في زيادة الفجوة بين التعليم العام والتعليم العالي. فيما أكد الدكتور فهد العبودي أن أهم الخطوات الإجرائية المنشودة للتكامل بين التعليم العام والتعليم العالي الذي ينادى به وتتبناه وزارة التعليم، هو الاستفادة من حملة الشهادات العليا من منسوبي التعليم العام في التعليم العالي، وأن التأخر عن الاستفادة منهم أو عدم استقطابهم هو ما سيزيد الفجوة بين التعليم العام والتعليم العالي، حيث ينبغي أن تكون هناك قنوات ومجالات يشارك فيها منسوبو التعليم العام زملاءهم في التعليم العالي في تطوير التعليم، فيما يتماشى ذلك مع سياسة الإحلال التي تقوم بها وزارة التعليم في التعليم العام، وهي تعد خطوة رائدة ونظرة ثاقبة ستسهم في استثمار الطاقات البشرية المعدة من قبل جامعات المملكة. يذكر أن وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى وجه مؤخراً بتشكيل لجنة لدراسة عدد من المقترحات التي تقدم بها مجموعة من الأكاديميين من منسوبي الوزارة، التي تتضمن مطالبتهم بإتاحة الفرصة لهم للانضمام إلى هيئة التدريس في الجامعات السعودية وموافاته بنتائج ذلك في أسرع وقت. وكان مدير جامعة الملك سعود الدكتور بدران العمر، افتتح، المؤتمر الثلاثاء الماضي تحت رعاية وزير التعليم الدكتور أحمد بن محمد العيسى في قاعة حمد الجاسر بالجامعة في الرياض. وجاء المؤتمر في وقت البلاد فيه في أمس الحاجة إلى العمل الجاد لتعزيز التكاتف بين التعليم العام والتعليم العالي لا سيما بعد ضم هذين القطاعين في وزارة واحدة، لترسم خطة تعليمية للطالب والطالبة منذ لحظة التحاقه بالتعليم حتى لحظة تخرجه من الجامعة. وهدف المؤتمر، الذي اختتم فعالياته أمس الأول، إلى أن تكون مخرجاته منطلقا للإسهام في جهود تطوير التعليم بالتعاون مع قطاعي التعليم العام والعالي، ودعم توجهات صنّاع القرار في هذه المرحلة المفصلية من مراحل تطوير التعليم في المملكة تجاه التعليم، لما له من انعكاس مباشر على تجويد العملية التعليمية، وتحقيق التنمية المستديمة للوطن.