كلنا نقرأ قول الله تعالى في سورة يوسف: «فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ». بينما وصف الله تعالى كيد الشيطان بأنه ضعيف، قال تعالى في الآية 76 من سورة النساء: «الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا». فما حقيقة كيد النساء؟ وهل كيدهن أعظم من كيد إبليس؟ يعتقد كثيرٌ من الناس أن كل كيد النساء عظيم، بل وأعظم من كيد إبليس، ولو تدبروا الفرق بين كلمة الكيد في سياق الآيتين لأدركوا أن الوصف في سورة يوسف جاء على لسان العزيز، وهو رجل، خصَّ به مجموعة من النساء في مجتمع القصر، اللاتي أثرن حفيظته بما قمن به من تدبير في الخفاء ضد سيدنا يوسف، عليه السلام، كي يثبتن التهمة عليه بينما هو بريء، وما ذلك إلا انتقاماً منه، لأنه لم يستجب إلى رغباتهن، وعلى ضوء ذلك لا يمكن الجزم بأن كل كيد من النساء يكون عظيماً، أما ما جاء في سورة النساء من وصف بأن كيد الشيطان كان ضعيفاً، فضعفه مؤكد، لأن مَنْ وصفه هو الحق سبحانه وتعالى. إن الكيد يحتاج تدبراً وتخطيطاً ونظراً في النتائج لتحقيق غاية ما، لذلك فهو قوة عقلية ونفسية لا يستهان بها، تلازم المرأة، وقد تتعدى ما عند الرجل من قوى جسمانية، فتلجأ إليها عندما تريد الإيقاع بالخصم، أو الرضوخ لها من غير مواجهة. إن الكيد صفة إيجابية، وسلاح خفي، وقوة ناعمة، أودعها المولى في المرأة لتكون من أبرز خصائص أنوثتها، ولا تلجأ إليه إلا مضطرة كأن تشعر بخطر ما يهدد كيانها، أو ينال من اعتبارها، أو شخصها، فاحذروا أيها الرجال من كيد النساء!