أعلنت الأممالمتحدة مساء أمس تعليق محادثات السلام السورية حتى ال 25 من فبراير الجاري، بينما أفادت وكالة الأنباء الفرنسية بسيطرة قوات بشار الأسد على محيط قريتي نبل والزهراء في محافظة حلب. وربط المبعوث الأممي، ستافان دي ميستورا، بين «التوقف المؤقت للتفاوض» و»عمل لا يزال يتعيَّن القيام به»، ودعا، في تصريحٍ صحفي، الدول المعنيَّة خصوصاً أمريكا وروسيا إلى مساعدته «لأني قلت سابقاً: لن أجري مفاوضات من أجل المفاوضات»، مُشدِّداً «العملية لم تفشل لكنها تحتاج إلى مساعدة». في حين نقلت «الفرنسية» عن مصدرٍ أن قوات الأسد والميليشيات الموالية له فكَّت طوقاً للمعارضة المسلحة حول نبل والزهراء و»قطعت بذلك طريق إمدادٍ رئيسةٍ من الأراضي التركية؛ على الفصائل المسيطرة على الأجزاء الشرقية من مدينة حلب». وعدَّ المرصد السوري لحقوق الإنسان هذا المستجدَّ الميداني التحرك الأوسع بالنسبة للنظام في المحافظة. ولاحظت «الفرنسية» فكَّ الطوق على القريتين بعد سيطرة قوات الأسد على قرية معرسة الخان في ريف المحافظة الشمالي «لتتمكن بذلك من قطع طريق إمداد رئيسة». وكانت فصائل مناهضة للأسد فرضت طوقاً حول نبل والزهراء نظراً لوجود مقاتلين من ميليشيات حزب الله اللبنانية ومجموعاتٍ أخرى داخل القريتين. سياسياً؛ سعى المبعوث الأممي إلى إقناع وفدي النظام والمعارضة باستئناف الاجتماعات في مقر الأممالمتحدة في جنيف. لكن جهوده منِيَت بانتكاسة، فأعلن لاحقاً «توفقاً مؤقتاً». وغداة فوضى سادت عملية التفاوض غير المباشرة؛ وصل منسق الهيئة العليا للمفاوضات المُمثِّلة للمعارضة، رياض حجاب، إلى سويسرا أمس. وقبل إعلان التوقف؛ كان متوقَّعاً أن يمنح حضور منسِّق «العليا للمفاوضات» دفعةً دبلوماسيةً للمحادثات الهادفة إلى وقف نزاعٍ مستمرٍ منذ نحو 5 أعوام.. وعلَّق دبلوماسي غربي «مع مجئ حجاب؛ ستتعزَّز قدرة العليا للمفاوضات على التعبير عن موقف موحد». وأوضح «إنها عملية معقدة جداً تتطلب مواصلة الأطراف الحوار باستمرار». ووفقاً لعضو في الوفد المعارض؛ فإن «المشكلة ليست مع دي ميستورا، لكن مع النظام المجرم الذي يفتك بالأطفال». وإضافةً إلى مطالبتها بوقف القصف الجوي قبل الانخراط عملياً في التفاوض؛ دعت «العليا للمفاوضات» إلى إطلاق سراح المعتقلين ورفع الحصار عن نحو 15 مدينة وإدخال مساعدات إلى سكانها. وقدَّرت الأممالمتحدة عدد المقيمين في مناطق مُحاصَرة في سوريا ب 500 ألف شخص. وبين هذه المناطق معضمية الشام التي دخلت إليها أمس قافلة مساعدات تضم 12 شاحنة وأكد المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بافل كشيشيك، وصول القافلة إلى المدينة الواقعة جنوب غربي دمشق تحت حصار النظام. ومن العاصمة العمانية مسقط؛ أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، أن بلاده لن توقف الضربات الجوية «طالما لم نهزم فعلياً تنظيم داعش وجبهة النصرة». ونقلت وكالة «إنتر فاكس» الروسية للأنباء قوله أمس «لا أفهم لماذا يجب أن تتوقف هذه الضربات». واعتبر لافروف أن وقف إطلاق النار يجب أن يسبقه وقفٌ ل «التهريب عبر الحدود السورية التركية (…) الذي يؤمن الإمدادات للمقاتلين». وبدأت بلاده حملتها الجوية في ال 30 من سبتمبر الماضي. وتعتبر «العليا للمفاوضات» الضربات الروسية أحد عوائق العملية السياسية، فيما تنفي أنقرة سماحها بالتهريب. وانطلقت محادثات جنيف نظرياً الجمعة الماضية، وأعلن دي ميستورا انطلاقها عملياً الإثنين الماضي، لكن مصادر تؤكد أن البداية العملية لم تحِن بعد. وخطة المبعوث تنص على إطلاق مشاورات سياسية ل 6 أشهر بغرض إنهاء أزمة معقدة خلَّفت منذ عام 2011 أكثر من 260 ألف قتيل و10 ملايين مشرَّد. وكان دي ميستورا أقر مساء أمس الأول، في حديثٍ لهيئة الإذاعة والتليفزيون السويسرية «آر تي إس»، بأن «الفشل لا يزال ممكناً خصوصاً بعد 5 أعوام من الحرب الرهيبة». وحذَّر «لكن إذا حصل فشلٌ هذه المرة فلن يعود هناك أمل». وفي مقابلةٍ تالية مع هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»؛ لاحظ أن «مستوى الثقة بين الطرفين شبه معدوم». ويتحدث رئيس وفد النظام، بشار الجعفري، عن «ظروف غير ملائمة»، ويكرَّر هجومه على الطرف الآخر، مشيراً إلى عدم انتهاء «الإجراءات التحضيرية للمحادثات غير المباشرة». في المقابل؛ تجد المعارضة نفسها في موقف دقيق للغاية، فهي عالقة بين رغبتها في عدم الظهور كطرف يتسبب في إفشال المحادثات ورفضها الدخول في تفاوض فيما الحرب تتواصل وتشهد تصعيداً. وأبلغت الأممالمتحدة أمس عن تسبُّب الحملة العسكرية للنظام والميليشيات المتحالفة معه حول مدينة حلب في نزوح مئات الأسر ومقتل 3 من عاملي الإغاثة الإنسانية. وأفصحت متحدثة باسم المنظمة الدولية، في بيانٍ لها، عن «تلقي الأممالمتحدة تقارير عن نزوح مئات الأسر في بلدات بيانون وحريتان وعندان وحيان وريتان في الشمال الشرقي وعن تواتر غير مسبوق للضربات الجوية في اليومين الأخيرين». في غضون ذلك؛ تعهد البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية بتخصيص 900 مليون يورو للاجئين السوريين. وعشيَّة مؤتمر للمانحين اليوم في لندن؛ كشف رئيس البنك، سوما شاكرابارتي، عن تطوير مشاريع بنى تحتية واستثمار للقطاع الخاص في تركياوالأردن «دعماً للدول التي تستقبل اللاجئين»، مؤكداً «سنموِّل عمليات جديدة بقيمة 500 مليون يورو مع مساهمات إضافية بقيمة 400 مليون يورو». والمبلغ الأخير سيتمُّ تأمينه من المانحين والحكومات أو المؤسسات مثل الاتحاد الأوروبي. ومن شأن هذا التمويل تحسين الأنظمة المحلية لإدارة المياه وجمع النفايات والنقل داخل المدن التي تواجه تدفقاً للاجئين. وأنشئ البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في عام 1991 لتسهيل انتقال دول الكتلة السوفييتية السابقة إلى اقتصاد السوق. لكنه سرعان ما وسَّع نطاق عمله وقرَّر في عام 2012 العمل في مناطق جنوب وشرق المتوسط في بلدان مثل الأردن حيث أطلق استثمارات في البنى التحتية للمياه. ويأتي إعلان البنك عشيَّة اجتماعٍ للجهات المانحة في لندن ستحاول فيه جمع 9 مليارات يورو ل 18 مليون سوري. وخلال الاجتماع؛ سيستقبل رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، أكثر من 70 مسؤولاً دولياً بينهم المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، والأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، فضلاً عن ممثلين للقطاع الخاص ومنظمات غير حكومية. بدورها؛ طالبت نحو 90 منظمة غير حكومية، في بيانٍ من العاصمة البريطانية، بمساعدة وحماية أكبر للاجئين السوريين. ودعت هذه المنظمات الدولية والسورية وبينها «أوكسفام» إلى زيادة المساعدات في شكل واضح وتأمين حماية أكبر للمدنيين وضمان تعليم الأطفال. وربط الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، يان إيجلاند، بين «وضع حد لمعاناة السوريين» و»إنهاء النزاع بحلّ سياسي تفاوضي»، منبِّهاً إلى «أهمية أن تُلحَّ الحكومات الدولية على الحصول على اتفاقاتٍ خلال مفاوضات السلام في جنيف». و»لكن في الانتظار؛ من واجبنا أن نستثمر في الأمل والتعليم وسبل بقاء السكان المدنيين تمهيداً لمستقبل أكثر استقراراً»، بحسبه. في السياق نفسه؛ وافق الاتحاد الأوروبي أمس على تفاصيل تمويل صندوق مساعدة بقيمة 3 مليارات يورو مخصَّصة للاجئين السوريين الموجودين في تركيا. والمقابل هو تعهد أنقرة بالحدِّ من تدفق المهاجرين صوب أوروبا عبر بحر إيجه. وذكر نائب رئيس المفوضية الأوروبية، فرانز تيمرمانز، في بيانٍ أن «المال الذي سنقدمه سيشكِّل فائدة مباشرة للاجئين السوريين في تركيا وسيساعد خصوصاً في تحسين حصولهم على التعليم والصحة». وتقدِّر الحكومة التركية عدد السوريين الذين استقبلتهم منذ عام 2011 بنحو 2.5 مليون شخص.