تعثّرت محادثات السلام غير المباشرة بين النظام السوري والمعارضة وسط مطالب تعجيزية، بعد يوم واحد من إعلان الأممالمتحدة إطلاقها رسمياً في جنيف، إذ أعلن رئيس الوفد الحكومي بشار الجعفري أن دمشق «لن تقبل بأي شروط مسبقة من أحد»، مناقضاً إعلان الوسيط الدولي ستيفان دي ميستورا عن انطلاق المحادثات، قائلاً: «ما زلنا في المرحلة التحضيرية للمحادثات غير المباشرة... وطلبنا من دي ميستورا أن يوافينا بأسماء المشاركين» من جانب المعارضة وتقديم «جدول الأعمال». وترافق تمسك النظام بموقفه مع تمسك مماثل للمعارضة بموقفها، إذ ظلّت ترفض حتى المساء قبول بدء التفاوض مع النظام ما لم يكف عن قصف المدنيين ويرفع الحصار عن بلدات محاصرة ويطلق سجناء. وعشية مؤتمر المانحين في لندن الخميس والمخصص لمساعدة السوريين النازحين داخل بلدهم وفي دول الجوار، صدر موقف لافت للعاهل الأردني عبدالله الثاني الذي حذّر من أن شعبه «بلغ درجة الغليان» نتيجة المعاناة التي تسبب بها نزوح مئات الآلاف من اللاجئين السوريين. وطالب، في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، المجتمع الدولي بتوفير المزيد من العون إذا كان يتوقع أن يستمر الأردن في استقبال اللاجئين، محذّراً من أن «السد سينهار عاجلاً أو آجلاً على ما أعتقد». وتقول الأممالمتحدة إنها بحاجة إلى 9 بلايين دولار لمساعدة السوريين هذه السنة. ميدانياً، نجحت القوات الحكومية، بالتعاون مع ميليشيات يُشرف عليها الحرس الثوري الإيراني وتحت غطاء قصف جوي متواصل، في متابعة اندفاعتها التي بدأتها قبل أيام في ريف حلب الشمالي، وسيطرت على قرى جديدة ما يجعلها على مسافة تقل عن ثلاثة كيلومترات فقط من بلدتي نبّل والزهراء اللتين يقطنهما مواطنون شيعة وتحاصرهما فصائل المعارضة منذ أكثر من سنتين. ويُشكّل هذا التقدّم انتكاسة للمعارضة التي كانت تستعد منذ فترة لصد هجوم النظام، كما أنه يُهدد بحصار مدينة حلب وقطع خطوط رئيسية للإمداد بينها وبين ريفها الشمالي قرب الحدود مع تركيا. وفي جنيف (أ ف ب، رويترز)، أعلنت فرح الأتاسي العضو في وفد المعارضة، أن المعارضين لن يجتمعوا مع دي ميستورا الثلثاء، بعكس ما كان يأمل الأخير بعدما اجتمع ظهراً بالوفد الحكومي. وقالت الأتاسي: «لا يوجد اجتماع مع دي ميستورا. قدمنا المطالب التي نريد أن نقدمها. لا نريد إعادة الكلام نفسه». وقالت بسمة قضماني، وهي عضو آخر في وفد المعارضة، إن المعارضين سيعطون دي ميستورا «يوماً إضافياً» لتحقيق مطالبهم، مضيفة: «نبحث عن أي إشارة تتيح لنا القول للمشككين إن هناك بادرة أمل. لقد تناقشنا طويلاً قبل القدوم إلى جنيف، لكن إذا استمر الوضع على ما هو عليه سنعطي كامل الحق للذين يقولون: العالم يسخر منا، وسنعود للقتال». وأكدت ناطقة باسم الأممالمتحدة أن الاجتماع مع المعارضة الذي كان مقرراً عصر الثلثاء أُلغي بالفعل. وتصر المعارضة على تحقيق مطالب في المجال الإنساني حددها الناطق باسم الهيئة العليا للمفاوضات سالم المسلط بأنها ثلاثة: «رفع الحصار عن بلدات، والإفراج عن معتقلين، ووقف الهجمات ضد المدنيين بواسطة الطيران الروسي ومن قبل النظام». وبعد ساعات على انتهاء لقاء دي ميستورا الإثنين مع وفد المعارضة، أعلنت الأممالمتحدة أن دمشق وافقت مبدئياً على إرسال قوافل إنسانية إلى مضايا المحاصرة قرب دمشق. إلا أن المعارضة اعتبرت الخطوة غير كافية. وقال بشار الجعفري رئيس وفد الحكومة السورية بعد جولة محادثات جديدة مع دي ميستورا أمس إن المفاوضات لا تزال في مرحلة تحضيرية وإنه في انتظار أن يقدم له وسيط الأممالمتحدة «قائمة بوفد التفاوض» الذي يمثل المعارضة. وكان دي ميستورا أعلن الإثنين بدء محادثات السلام رسمياً، لكن الجعفري رد الثلثاء بالقول إن دي ميستورا أدرك الآن أن الظروف غير ملائمة للمحادثات غير المباشرة التي سيجريها مع وفدي الحكومة والمعارضة في غرفتين منفصلتين. وأضاف للصحافيين بعد اجتماع مع دي ميستورا دام ساعتين ونصف الساعة، أن الإجراءات الشكلية ليست جاهزة بعد، وأن المحادثات في مرحلة تحضيرية قبل بدء المفاوضات غير المباشرة رسمياً. وأضاف أن الإعداد للانطلاق الرسمي للمحادثات غير المباشرة يتطلب أن يكون هناك وفدان لكن لم يتم وضع اللمسات النهائية على وفد المعارضة. وقال مصدر في الأممالمتحدة إن دي ميستورا وعد بتقديم قائمة بأسماء أعضاء وفد المعارضة بحلول اليوم الأربعاء.