تهاوى مؤشر سوق المال السعودي أمس، مسجلاً تراجعاً بأكثر من 5 %، بالتزامن مع هبوط جديد لأسعار النفط والأسهم العالمية، وهو ما أطلق موجة بيع بفعل الذعر والخوف من المستقبل، وهو ما اعتبره محللون «كارثة» جديدة يشهدها السوق، يفوق تأثيرها درجة احتمال صغار المستثمرين. ولم تشذ أسوق المال الخليجية عن السوق السعودي، فسجلت هي الأخرى خسائر فادحة، حيث فوجئ كثير من المستثمرين الدوليين بفداحة الخسائر في البورصات الخليجية وعمليات البيع على نطاق واسع، والافتقار إلى عمليات شراء داعمة في السوق رغم بلوغ التقييمات مستويات منخفضة. وتراجع المؤشر الرئيس للسوق السعودية 5.4 % (317 نقطة) إلى 5520 مسجلاً أكبر هبوط له منذ أغسطس الماضي، وأدنى إغلاق له منذ مارس 2011 لتبلغ خسائره منذ بداية العام 20 %. وصعد سهم واحد فقط وهو سهم الوطنية السعودية للنقل البحري (البحري) الذي تأرجح بشدة في أكثف تداول له منذ ديسمبر، ليغلق مرتفعاً 5.9 % بينما هبط 165 سهماً. وتراجع سهم الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) القيادي 3%. وتضررت المعنويات بشدة جراء هبوط خام القياس العالمي مزيج برنت 6% يوم الجمعة، ليستقر دون 29 دولاراً للبرميل، وتبلغ خسائره 13 % على مدى الأسبوع الماضي. وربما يؤدي رفع العقوبات عن إيران أمس الأول إلى دفع أسعار الخام لمزيد من الانخفاض على الأمد القصير مع ضخ كميات إضافية من النفط الإيراني في السوق. ومن المنتظر أن يستفيد اقتصاد دبي من رفع العقوبات عن إيران نظراً لأن الإمارة مركز لنشاطات أعمال إيرانية. لكن ذلك لم يفلح في دعم سوق دبي يوم الأحد إذ هبط مؤشرها 4.6 % إلى 2685 نقطة مسجلاً أدنى مستوياته منذ سبتمبر أيلول 2013. أكد أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك فيصل الدكتور محمد بن دليم القحطاني أن السوق السعودي يعد غير جاذب للمستثمر الأجنبي الذي هو أذكى بكثير من أن يغامر في سوق لايعول عليه. وقال: «إذا أردنا جذب المستثمر، فيجب أن نتغزل بالسوق والمستوى الإداري القائم عليه، وكفاءة أداء الشركات ولكن ليس هناك ما نتغزل به في سوقنا». وتحدث القحطاني عن أسباب تراجع المؤشر، وقال: «الحريق الذي وقع في شركة كيان، قد يكون مؤثراً في السوق، ولكن أعتقد أن حركة الأسهم والتبادل تتحكم فيها كيانات كبيرة، مثل البنوك والشركات التمويلية والمالية، التي رأت أن تخرج من سوق المال للبحث عن استثمارات أكثر جدوى، وهو ما أدى إلى ضعف السيولة المالية». وأشار القحطاني إلى «ما يحدث في السوق السعودي هو مؤامرة شبيهة بما حدث في 2006». وقال: «رغم أن أرقام ميزانية 2016 كانت مطمئنة، وهناك توجه في عدم الاعتماد على النفط، وإنعاش قطاعات أخرى، إلا أن كل ذلك لم تؤثر في السوق ولم يعزز مؤشرها، الذي ظل يفقط يوماً بعد آخر خلال هذا العام مزيداً من النقاط» وأضاف أن «فرض الرسوم على الأراضي البيضاء ساهم في سحب سيولة كبيرة من السوق لتعمير تلك الأراضي، وتنشيط سوق العقار على حساب سوق الأسهم». أرجع عضو الجمعية السعودية للاقتصاد الدكتور عبدالله المغلوث سبب التراجع إلى حالة الذعر التي تملكت المستثمرين في سوق المال. وقال: «هذه الحالة دفعت المستثمرين للخروج من السوق من المستقبل الضبابي». وأضاف: «أعتقد أن ابتعاد سوق المال عن وسائل الإعلام، ساهم في هذا التراجع المخيف والمتتالي، فعندما تبرز وسائل الإعلام ما يتمتع به سوق المال، والاقتصاد السعودي من مزايا هي كثيرة ومتنوعة، ينعكس ذلك على سوق المال، فالمملكة تتمتع بأكبر احتياطي نفطي، كما تتمتع باحتياطات مالية ضخمة، ولديها صناعة بتروكيماويات متطورة، يضاف إلى ذلك أرقام الميزانية التي أعلنت قبل أيام، كانت مطمئنة للغاية، وكل هذه المزايا إذا تم التركيز عليها، ستدعم مؤشر سوق المال وتبث الاطمئنان في نفوس المستثمرين، وتعمل على إزالة حالة الذعر التي انتابت صغار المستثمرين، وكذلك الشركات الكبرى التي تخشى على استثماراتها من الضياع». وتوقع المغلوث أن تستمر حالة تذبذب مؤشر سوق المال أسبوعين مقبلين، وقال: «أدعو صغار المستثمرين بعدم بيع الأسهم، والاحتفاظ بها، فربما يعود السوق إلى ما كان عليه في قادم الأيام». واستبغد المغلوث أي تأثير لرفع العقوبات الاقتصادية عن إيران، وقال: «هذا الأمر لن يؤثر من قريب أو بعيد على الاقتصادات الخليجية، التي بدأت تتجه لتنويع مصادر الدخل لديها».