توجَّهت قافلةٌ جديدةٌ من المساعدات الإنسانية أمس إلى مضايا، في خطوةٍ هي الثانية من نوعها هذا الأسبوع إلى البلدة التي تؤوي أكثر من 40 ألف شخص وتحاصرها قوات النظام السوري منذ 6 أشهر. وشاهدت صحفية عشرات الشاحنات المحملة بالطحين والمساعدات الطبية ومستلزمات النظافة تنطلق صباحاً من دمشق. وأفاد المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بافل كشيشيك، بمغادرة قافلة مساعدات تضم 44 شاحنة إلى مضايا، مبيِّناً أن «الأولوية هي لتوزيع الطحين ومواد النظافة». وبعد الاستنكار الدولي الذي أثاره الوضع الإنساني في البلدة المحاصَرة؛ وافق النظام قبل أسبوع على السماح على دخول قافلة أولى من 44 شاحنة الإثنين الماضي نقلت مساعدات إنسانية إلى سكان يُقدَّر عددهم ب 42 ألف نسمة، بحسب الأممالمتحدة. و»أقلَّت القافلة الثانية طواقم طبية»، وفق كشيشيك الذي أشار إلى إرسال اللجنة الدولية للصليب الأحمر اختصاصية تغذية لإجراء تقييم سليم» لأوضاع المدنيين. في الوقت نفسه؛ توجَّهت قافلة من 17 شاحنة إلى بلدتي الفوعة وكفريا المواليتين للنظام والتابعتين لمحافظة إدلب (شمال غرب). وتقع البلدتان حيث يقيم نحو 20 ألف شخص في وسطٍ موالٍ للمعارضة منذ الصيف الماضي. لكن الأممالمتحدة رفضت مقارنة حصار مضايا الذي أفضى إلى موت أشخاصٍ جوعاً بكل ما جرى في النزاع السوري منذ مارس 2011. وذكر مصوِّر صحفي أن الشاحنات التي تقلُّ المساعدات إلى هذه البلدة حملت شعار الهلال الأحمر السوري واصطفت على طول طريق جبلي على أطراف العاصمة قبل الانطلاق بمواكبة سيارات تابعة للأمم المتحدة رفعت أعلاماً زرقاء. و«هذا مشوار إنساني نواصله بالتنسيق مع كل الجهات، ونأمل أن تتم العملية بسلاسة وسرعة»، وفق المنسق الأممي للشؤون الإنسانية في سوريا، يعقوب الحلو، مُرجِّحاً تأثر إدخال المساعدات بسبب الظروف المناخية. ووصف المنسق الدخول إلى البلدات الثلاث بعد فترة طويلة من الزمن ب «أمر مشجع»، معتبراً أن «المطلوب استمرار دخول المساعدات.. ونأمل مع التسهيلات والاتفاق بين الأطراف المعنية على استمرار هذا الجهد». وشدد «إننا لا نريد أن نرى ذلك لمرة واحدة». لكنه رأى أن الحل الحقيقي في نهاية المطاف هو رفع الحصار. وتزامن إدخال المساعدات الإثنين إلى مضايا مع حديث الأممالمتحدة عن نحو 400 شخص يعانون من سوء التغذية و»مشكلات طبية» أخرى و»مهددون بالموت» وب «حاجة إلى الإجلاء لتلقِّي رعاية صحية ملحَّة». ورداً على سؤالٍ عن اتصالات لإجلاء حالات طبية معينة من البلدة؛ أفصح الحلو عن بدء منظمة الصحة العالمية وجهات أخرى عاملة في المجال الطبي مفاوضاتٍ مع حكومة دمشق لتسهيل عملية خروج الحالات الحرجة. وأوضح «وجدنا فعلاً داخل حالات حرجة جداً تستدعي التحويل السريع إلى المشافي لكي تتم معالجتها، وكلنا أمل أن تتم هذه العملية في الأيام المقبلة»، لافتاً إلى إخراج طفلة الثلاثاء الماضي تبلغ من العمر 8 سنوات وكانت في حاجة ملحة إلى تدخل طبي مختص و»باتت موجودة في مشفى دمشق مع أهلها». وتشكِّل مضايا مع مدينة الزبداني المجاورة إضافةً إلى الفوعة وكفريا 4 مناطق تم التوصل إلى اتفاق بشأنها في سبتمبر الماضي. وينص الاتفاق، الذي تمَّ بين النظام والفصائل المقاتلة بإشراف أممي، على وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات وإجلاء الجرحى والمقاتلين، على أن يتم تنفيذه على مراحل. وكشفت المتحدثة باسم المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية، ليندا توم، عن «خطط لإدخال دفعة ثالثة من المساعدات خلال الأيام المقبلة إلى مضايا والفوعة وكفريا». وأكدت التخطيط لإيصال المساعدات إلى الزبداني في وقت لاحق. ونبهت إلى ضرورة إدخال فرق طبية إلى مضايا «لفحص المرضى وتحديد حالتهم». وأحصت منظمة «أطباء بلا حدود» الأحد الماضي وفاة 28 من سكان البلدة جوعاً منذ الأول من ديسمبر الفائت. بينما يتلقى سكان الفوعة وكفريا مساعدات بشكل متقطع يلقيها النظام بواسطات طائرات مروحية من الجو. ولفت المبعوث الدولي الخاص بالأزمة السورية، ستيفان دي ميستورا، انتباه ممثلي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن إلى «الأهمية القصوى لإمكان الوصول بشكل دائم ودون عراقيل إلى عدد معين من المناطق المحاصرة مع اقتراب المحادثات» المرتقبة بين النظام والمعارضة. وأكد دي ميستورا، في بيانٍ عن مكتبه بعد اجتماعٍ أمس الأول في جنيف، تطلعه إلى بدء المحادثات الهادفة إلى إيجاد تسوية للوضع في سوريا في 25 يناير الجاري. ويدعم مجلس الأمن خطة سلام طموحة تمتد على 18 شهراً وتهدف إلى إيجاد حل سياسي تفاوضي لإنهاء نزاع مستمر منذ نحو 5 سنوات وأدى إلى مقتل أكثر من 260 ألف شخص.