جاء بيان الجامعة العربية مؤيداً لحكومة المملكة العربية السعودية، ومعارضاً للسياسات الإيرانية في المنطقة ورافضاً للتدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية، إضافة إلى الهجوم الذي تعرضت له السفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد. وباستثناء الموقف اللبناني الذي رفض البيان، وبعض الملاحظات التي أبدتها الحكومة العراقية، جاء الموقف الجماعي مؤشراً إيجابياً لانتباه الدول العربية للخطر الإيراني وعملهم لتدارك ذلك الخطر. إيران تلعب دوراً إرهابياً لا يختلف عليه اثنان من المتابعين للشؤون العربية في الشرق الأوسط، وذلك من خلال سياستها الداعمة للتنظيمات الحركية مثل حزب اللات والحوثيين وغيرها. هذا العمل لم يقتصر على منطقة الشرق الأوسط فقط، بل إن الداخل الإيراني يعانى وما زال يعاني من التعامل الحكومي الفارسي مع الأقليات العرقية كالعرب الأحواز والبلوش والترك-أذريين وغيرهم. يشكل الفرس ما نسبته51 % من إجمالي السكان في إيران، بينما تشكل الأقليات الأخرى كالأذريين والعرب والبلوش والتركمان وإلخ %49. وتعاني الحياة الاجتماعية في إيران كثيراً من الإعدامات، حيث تم تنفيذ حكم الإعدام في نحو 150 ألفاً من المعتقلين والسجناء. كما أدينت إيران نحو 65 مرة من الجمعية العامة للأمم المتحدة والجمعيات التابعة لها بسبب هذه الإعدامات. ومن الأمثلة التي تعكس صورة للأسس التي تقوم عليها عمليات الإعدام في إيران، التي تسير على قدم وساق، فقد أعدمت إيران 16 بلوشياً في اليوم الثاني مباشرة لعملية قتل 14 جندياً من سلاح الحدود، دون أي محاكمة وبلا أي سبب سوى أنهم بلوش. وقال حينها المدعي العام لبلوشستان، بأن إعدام هؤلاء السجناء جاء رداً على مقتل الجنود في الليلة الماضية في «سراوان». وكذلك الحال مع ما حكمت به اللجنة الثلاثية التي تشكلت عام 1988 وكان فيها وزير العدل «بور محمدي»، التي قررت إعدام ثلاثة آلاف معتقل سياسي كانوا يقضون فترة حكم تتراوح من 5 سنوات إلى المؤبد، فقط هكذا ودون أية أسباب سوى ذلك القرار المبني على مزاجية غير معقولة لأعضاء اللجنة. والحال كذلك مع انتهاكها لحقوق الإنسان كممارستها لأكثر من 170 نوعاً من أنواع التعذيب للسجناء السياسيين، في إشارة عجيبة لتمكنها من تنويع أساليب وطرق التعذيب التي تستخدمها في سجونها السياسية لتصل به إلى هذا الرقم المخيف. هذا بالإضافة إلى إغلاق وإيقاف مئات من الصحف والمجلات في إيران. ومما يلاحظه المتابع للشأن الإيراني وما تشير إليه الدراسات المختلفة، أن هناك أكثر من 11 مليون إيراني يعيشون في المدن الكبيرة ولا يتمتعون بالعيش الكريم بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ونحو 4 ملايين مدمن للمخدرات، وهذا رقم كبير جداً قياساً بعدد السكان، إضافة إلى وجود ما لا يقل عن 40 مليون شخص تحت خط الفقر، وسبعة ملايين إيراني من النخبة الإيرانية خارج الوطن، بسبب القمع والاضطهاد السياسي والمجاعة والفحش والدعارة التي قدمها النظام لدولته. وفي إطار سياسة تجفيف المنابع المائية لم تتردد الحكومة الإيرانية كذلك في العمل على تجفيف نهر «كارون»، وهو أكبر الأنهار وأكثرها استخداماً في الري والزراعة في الأحواز، حيث أقام الفرس عدداً من السدود التي ساهمت في نقل مياهه إلى أصفهان الإيرانية. المؤكد أن حركة الأقليات المسلحة بدأت بعد أن لمست الأقليات المختلفة تلك الشيفونية الفارسية، التي عكسها الرئيس السابق «أحمدي نجاد»، وذلك في العام 2005، حيث تحرك الترك في الشمال الغربي، كما اختطف البلوش بعض القيادات الحكومية وفجر العرب خطوط وأنابيب النفط في الجنوب الغربي، بينما اقتنص الأكراد الجنود الإيرانيين في الحدود التركية العراقية. كما أن الجيش السوري الحر، في السنوات الثلاث الماضية، تبنى عدة عمليات تفجير لأنابيب نفط وغاز بمساعدة أحوازية. كما يطمح إلى توسيع عملياته لتصل إلى بلوشستان للرد على التغول الإيراني في سوريا، وتدخل حزب اللات لمساندة بشار الأسد. ومن الجدير بالذكر ما جاء من وعود خلال الحملة الانتخابية لروحاني، الذي أكد على ضرورة رفع الحالة الأمنية عن القوميات غير الفارسية، وأكد على أن التعليم في المدارس يكون بلغات الأقليات وأعلن عن الحد من تدمير بيئاتها، وهذه الوعود هي بعض ما تطالب به الأقليات التي تقع تحت حكم الفرس، ولكن لم يتحقق منها شيء. على العكس فقد تزايدت حدة الإعدامات في بلوشستان وكردستان وعربستان، هذا عدا الاعتقالات المرتفعة بين الترك-أذريين. هذا لأنه بصفة عامة، النضال في الأحواز وأذربيجان يعتبر إلى حد ما نضالاً سلمياً قياساً بذلك في بلوشستان وكردستان، وهذا يعود إلى محاولة تشييع هذين الإقليمين السنيين اللذين يتأثران بالأحداث في الشرق الأوسط. إلا أنه لا يجب أن نتناسى أن الزخم العروبي للأحواز يعطيها دافعية كبيرة لاستمرار النضال والمطالبة بالاستقلال بشكل مستمر ودائم. ولا شك، يمكن استغلال الجميع. في ضوء ما سبق من حقائق، وأمام ما أنتجته جامعة الدول العربية، وأمام الخطوة القادمة للمملكة العربية السعودية بالتوجه إلى مجلس الأمن، فما هي الإجراءات الإضافية المتوقع أن تتخذها السعودية؟