عصفت بالعلاقات السعودية الإيرانية رياح عاتية، وكان السبب وراء ما يعكر صفوها ما خطط له الإيرانيون، وما قاموا به من أعمال تخريبية، كان أولها عام 1943م، بقطع العلاقات بين البلدين نتيجة تنفيذ حكم الإعدام في الإيراني أبو طالب يزدي، المتهم بتدنيس الكعبة والحرم الشريف، ومن ثم دأب الإيرانيون على القيام بتسييس موسم الحج بإثارة القلاقل والفتن، وتنظيم المظاهرات والأعمال التخريبية، ما أضر بسلامة حجاج بيت الله الحرام، وزعزعة أمنهم. وبعد قيام الثورة الخمينية انتقلت إيران في علاقتها مع السعودية من الاختلاف إلى الصدام والعداء. مما تأكد لخبراء السياسة، ومحللي مجريات الأحداث، أن إيران، التي تواجه عزلة سياسية واقتصادية منذ قيامها باحتلال الأحواز العربية، والجزر الإماراتية الثلاث، وصل الأمر بعلاقاتها مع معظم دول المنطقة إلى التأزُّم حد العداء، نتيجة شعورها بالخذلان مما لحق بها من خسائر في سوريا، ولبنان، واليمن. لاشك أن ذلك يزيد من توتر الملالي لشعورهم بالعزلة والحصار، ما يحد من طموحات مشروعهم الصفوي في المنطقة، إلا أنه من غير الممكن أن يذهب بهم التفكير إلى الدخول في حرب مع دول المنطقة على الرغم من تصريحات بعض قادة الحرس الثوري العنترية، وبناء على ما صرح به سمو الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد وزير الدفاع، حيث قال إنه لا يتوقع دخول المملكة في حرب مع إيران رغم شدة التوتر في العلاقات بين البلدين، وفشل كل الوساطات التي لجأ إليها الإيرانيون للاعتذار، والشعور بالندم على جرائمهم، وما قاموا به مؤخراً باعتدائهم على السفارة السعودية في طهران، وحرق القنصلية في مدينة مشهد. لمعرفة الوضع الحالي، ورسم صورة للتداعيات، أكدت صحيفة وول ستريت جورنال «Wall Street Journal» الأمريكية تفاقم الخلافات بين السعودية وإيران، وأن التغيير المفاجئ، الذي أصاب العلاقات بين الجانبين بالسوء والعداء، جعل إدارة الرئيس باراك أوباما تواجه تعقيدات غير متوقعة في محاولات الخارجية الأمريكية حل أزمات الشرق الأوسط، وملفات القضايا الملتهبة فيها، وتحديداً ملف القضية السورية، الذي أُعلن في نهاية عام 2015م عن موافقة الأطراف المعنية بالصراع في سوريا، ومن بينها إيران، على وقف إطلاق النار. وكان جون كيري وزير الخارجية الأمريكي قد أعلن عن إقناعه الإيرانيين بإقامة قناة حوار ديبلوماسي مع السعودية قبل الأزمة الديبلوماسية الأخيرة، التي نسفت كل المحاولات بعد أن أعلنت المملكة قطع علاقاتها الديبلوماسية مع إيران. يُعتقد في الوقت الحاضر أنه لا جدوى على الإطلاق من أي محاولات لتسوية الخلافات بين السعودية وإيران ما لم تكف إيران عن مؤامراتها، وما تخطط له لزعزعة أمن الخليج، وإثارة الفتن في المنطقة، والتزامها بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، وتعهدها بالعودة إلى جادة الصواب، والتخلي عن أحلامها التوسعية والعدائية ضد دول الخليج. إذا كانت إيران تعترض على تنفيذ حكم الإعدام في أحد الجناة من الذين اعترفوا بجرائمهم وعدائهم الصريح للدولة، وإصرارهم على زرع الفتنة الطائفية في البلاد، فإننا نذكِّر إيران أنها لم تشهد منذ قيام نظام الدولة الفارسية الخمينية أي نمو أو استقرار، وأن الإيرانيين يرزحون تحت وطأة نظام دكتاتوري متشدد، قام على مدى أكثرمن 35 سنة باغتيال حريات الشعب الإيراني، وخالف أبسط قوانين حقوق الإنسان في حق هذا الشعب، وأقدم على إعدام كل مَنْ يعارض سياسة الملالي أو ينتقدها حتى أصبح الشعب الإيراني في غالبيته من المعارضين للحكم الصفوي، الذي يصدِّر الإرهاب، ويثير الفتن الطائفية، وهم إما في غياهب السجون، أو تراهم مهجَّرين ومنفيين خارج إيران، ولا يستثني نظام الملالي أي معارض، أو منتقد حتى إن كان من أئمة المراجع الشيعية المعتدلين، الذين يرون في تصدير الثورة الخمينية تحالفاً مع المشروع الصهيوني، ومؤيداً لأطماع إسرائيل التوسعية في المنطقة، ويأتي بالتوازي مع المشروع الصفوي الإيراني.