حينما أرى مشهداً لرجل يقتلُ ابن عمّه وهو يستغيثه بحرقة، متيقناً أنه بفعلته سيدخل الجنة! وأتجرع المرارة حينما أرى شاباً يفجر مسجداً.. بيت الله.. مكانًا للعبادة! زاهياً بأنه يتبع الحق.. وأرى أباً يخلف أطفاله خلفه، ويشرع في قتل نساء وأطفال أبرياء قد كانوا للتو مطمئنين يلعبون بالدمى أو يتابعون برنامجهم المفضل، زاعماً أنه يتبع أوامر الرسول! أهرعُ إلى كتاب الله وأحاديث رسوله.. أبحث عن الآيات والأحاديث التي يتحدثون عنها.. فأقرأ «من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً» وأقرأ تقريع الرسول الرحيم لأحد أصحابه لأنه قتل أحد المنافقين الذي كان يسب الرسول ثم يتظاهر بالتوبة خوفاً من القتل، فيقول نبينا بحسرة: «هلا شققتَ عن قلبه؟!». أتساءل هل لهؤلاء القوم قلوب مثلنا؟ تشعر بألم فراق الأهل والأحبة.. ترق وتحن حينما ترى ذكريات الطفولة واللهو والبراءة.. تبتسم حينما ترى طفلاً يلاعب هرًا صغيراً. ترحم عجوزاً طاعناً في السن وقد أنهكته الأمراض. إن هذه المشاعر التي فطرنا عليها هي ما تجمعنا كبش وتصنع منا إنسانيتنا ولولاها لعشنا بقانون الغاب وقتل بعضنا بعضاً! أفلا يملك هؤلاء القوم عقولاً يفكرون بها ويتذكرون أننا جميعاً بشر؟! إلا أنني أتيقن أخيراً أن التطرف والحقد والكراهية أولى بأن تحجّر الأفئدة وتنزغ منها الأحاسيس والمشاعر حتى تغدو كالحجارة أو أشد قسوة.. ولا أملك إلا أن أدعو الله الرحيم أن يلين قلوب هؤلاء البشر وينزع عن أعينهم الغشاوة التي تحول بينهم وبين إنسانيتهم.