منذ فجر التاريخ ونحن نقرأ أن القبيلة تحتفل عندما يولد فيها شاعر، واستمر هذا التقليد في مختلف العصور منذ الجاهلية وصدر الإسلام، ومازالت القبيلة تتعهد هذا التراث حتى اليوم، فكثيرة هي الحفلات التي تقيمها القبائل المعاصرة في الجزيرة العربية لشعراء القلطة وشعراء المعنى وللشعراء المشاركين في شاعر المليون وأمير الشعراء وغيرها من البرامج والحفلات التي تقام لحاملي لواء الشعر. فالقبيلة والشعر متلازمان يرفد كل منهما الآخر ومنذ أن قيل عنه ديوان العرب لم تختلف النظرة العربية للشعر والشاعر ولن تختلف، فالشعراء يدبجون قصائدهم في مختلف فنون الشعر وضروبه، يهيمون به في كل وادٍ، ويقولون ما لا يفعلون، هكذا هو الشعر حالة تلبس وتقمص في المدح أو القدح، في الغزل والتشبيب، وفي الوصف والنسيب، والشاعرة هند المطيري لم تخرج من عباءة الشعر ولم تخلع برقع الحياء ولم ترم نقاب العفة، وهي أكاديمية معروفة تقرأ نصوصها الشعرية على المنصة بثبات المرأة العربية الأصيلة الواثقة من نفسها، يساعدها في ذلك قوة شخصيتها وسلامة لغتها من اللحن والركاكة. بصرف النظر عن القصيدة القضية، فقد قدمت الشاعرة نصوصا إبداعية متميزة تستحق الاحتفاء والتقدير، أما نصها الذي تم تحريف عنوانه الأصلي «الربيع القلبي» إلى «ويح القبيلة»، فسبق للشاعرة وأن قرأته في مناسبات مختلفة ولم يعترض أحد من قبيلة المثقفين، ولم يشكها أحد رسميا أو قبليا، فلماذا هذه المرة في معرض جدة للكتاب؟ على الرغم من أنها مدعوة رسميا للمشاركة في أمسية شعرية ضمن الفعاليات الثقافية المقامة على هامش المعرض. التصريح غير منطقي بأن اللجنة المنظمة اتفقت مع الشاعرة لقراءة قصائد وطنية فقط، وهذا نفته الشاعرة في تصريح إعلامي، فمن غير المقبول أن تتفق الجهة الداعية مع أي مبدع وتشترط عليه الحد من إبداعه ليلقي قصائد بعينها، فالإبداع لا يخضع للمطالب الإدارية ابتداء، ما عدا الجمهور وحده الذي يمتلك الحق في طلب القصائد المفضلة التي يريد سماعها أثناء سير الأمسية وللشاعر أن يلبي إذا كانت النصوص بحوزته أو يعتذر. قرار منع الشاعرة من المشاركة الثقافية في منطقة مكةالمكرمة مستقبلا فيه قسوة في حقها وحق الشعراء المبدعين، وأضراره النفسية ستنال كل مبدع يناشد بحرية الرأي وحمايته، فالقبيلة لا تحارب شعراءها، وإعلاميا لم نقرأ أو نسمع أن القبائل العربية تقدمت بشكوى ضد الشاعرة، لكن مدير المعرض يستبق الأحداث فتقدم بالنيابة عنهم، وقدم تبريرا يفتقد إلى المنطق، وبذلك أعطى لبعض مرتادي وسائل التواصل الاجتماعي فرصة للنيل من الشاعرة وهو ما لا يرضاه سمو الأمير خالد الفيصل، ولثقتي الكبيرة في أمير الفكر والإبداع فإنني أناشد فيه الشاعر الإنسان لما يحمله من حب للوطن ومبدعيه وما يمتلكه من مخزون ثقافي وعاطفة جياشة وإبداع أصيل يرفد ثقتي فيه ليعيد النظر في قرار المنع بعد أن اتضحت الأمور، ويعطي الشاعرة مساحة للدفاع عن نفسها، ويمنح قبيلة الشعر وهجاً جديداً في منطقة مكةالمكرمة.