بدأ العام الجديد في نيجيريا على خلفية الخطر المستمر المتمثل في هجمات جماعة «بوكو حرام» المتطرفة، رغم محاولة الرئيس، محمد بخاري، طمأنة السكان بالحديث عن كبح جماح التمرد إلى حدٍ كبير. وقال الرئيس ل «بي بي سي» قبل بضعة أيام من 31 ديسمبر الموعد الذي حدده لهزم الجماعة المتشددة «أعتقد (…) أننا انتصرنا تقنياً في الحرب لأن الناس بصدد العودة إلى أحيائهم». وفي كلمةٍ إلى مواطنيه بمناسبة السنة الجديدة؛ هنَّأ بخاري الجيش ل «كبحه إلى حدٍ كبيرٍ تمرُّد بوكو حرام». لكنه أقرَّ بأنه «ما زال هناك الكثير من العمل في مجال الأمن». وشدد على أن «هذه الحكومة لن تعتبر هذا الملف مُقفلاً طالما لم يتم استئصال الإرهابيين كليَّاً، وطالما لم يعد الوضع إلى طبيعته في جميع مناطق البلاد التي تضررت من التمرد». وخلال حملته الانتخابية؛ توعَّد بخاري (73 عاماً)، الذي انتُخِب الصيف الفائت، بسحق التمرد الذي بدأ في عام 2009 في شمال شرق البلاد وأسفر عن سقوط أكثر من 17 ألف قتيل. وخلافاً لسلفه غودلاك جوناثان؛ نجح الرئيس الجديد في استعادة أراضٍ من «بوكو حرام». وشهدت البلاد أيضاً تراجعاً لعدد الهجمات الدامية التي اجتاحت وخرَّبت مدناً وقرى. لكن بالرغم من التطمينات الرسمية؛ ما زالت مدن كبرى عدة في الشمال الشرقي تعيش في هاجس العنف والخوف. وفي أواخر ديسمبر الفائت؛ قُتِلَ أكثر من 50 شخصاً خلال 48 ساعة، في هجماتٍ عدَّة نفذتها «بوكو حرام» في شمال البلاد. ومنذ أشهر عدة؛ تكثُّف الجماعة المتطرفة الاعتداءات الانتحارية مستخدمةً في الغالب فتيات وصبيانا صغارا. كما تُكثِّف الهجمات على قرى في المناطق الحدودية للبلدان المجاورة الكاميرون وتشاد والنيجر. واعتبر إبراهيم كولو، وهو من سكان مايدوغوري كبرى مدن شمال شرق نيجيريا التي دمرها العنف، أن «بوكو حرام لا تزال تشكِّل خطراً كبيراً حتى ولو أكدت الحكومة أن الجماعة ضَعُفَت». وشرَح قائلاً «لا يمكن أن نجازف على مسافة عشرة كيلومترات خارج المدينة دون التعرض لكمينٍ من المتشددين، إن الخطر حقيقي بالنسبة لنا». كذلك؛ عبَّر ساموسي أحمد المقيم في مدينة كانو (شمال) عن المخاوف نفسها، وهو لا يصدق الحكومة عندما تقول إنها هزمت «بوكو حرام». وقال «أوافق أن الجيش حقق تقدماً فعلياً في محاربة الجماعة، لكن قدرة بوكو حرام على شن هجمات مثل هجمات الأسبوع الماضي تدل على أنه ما زال هناك تهديد خطير». و»حتى ولو حصلت تهدئة في الهجمات في كانو فإن الخطر مستمر (…) ولا نعرف متى وأين سيحصل الهجوم المقبل»، بحسبه. في السياق نفسه؛ اعتبر المحلل السياسي النيجيري، كريس نغيودو، الهجمات الأخيرة تأكيداً على «صعوبة القضاء بشكل كامل على مجموعة كهذه». وعلَّق المحلل على تصريحات بخاري قائلاً «الرئيس قال قبل بضعة أيام إن بوكو حرام هُزِمَت تقنياً.. ما كان يعنيه هو أن قدرتها على شن هجمات تقلصت إلى حد كبير». ورأى نغيودو أن بخاري ما زال يحظى بدعم غالبية الشعب في محاربة المتمردين، رغم انتهاء الموعد الأقصى المحدد للقضاء عليهم في 31 ديسمبر الفائت، ملاحظاً أن «كثيراً من الناس يعتقد أن الإدارة السابقة للرئيس غودلاك جوناثان كانت ببساطة ضائعة.. كانوا بالفعل غير ذوي كفاءة في مجال إدارة التهديدات الأمنية». ورغم هذا الدعم؛ يعتبر نغيودو أن على الرئيس تغيير استراتيجيته للقضاء على التمرد. وفي ما قد يعتبر تغييراً في التكتيك؛ أبان بخاري الأربعاء أن حكومته «مستعدة للتفاوض بلا شروط مع قيادة ذات مصداقية» ل «بوكو حرام» للتوصل إلى تحرير حوالى 200 فتاة خطفتهن الجماعة وتحتجزهن كرهائن. وألمح بخاري إلى إمكانية منع النساء المسلمات من ارتداء الحجاب والنقاب إذا استمر المتمردون في استخدام محجبات لشن هجمات انتحارية.