المتابع للوضع في اليمن تختلط عليه الأمور نظراً للتباين في المشهد، فالتطورات الميدانية تميل لصالح الشرعية، والتمرّد في مفاوضات سويسرا يأتي من جانب أنصار الحوثي ومناديب المخلوع. من المفترض أن الذي تضعف جبهته على الواقع هو من يسارع إلى التوافق، ويميل إلى الإيجابية في الحوار نظراً لخسارته على الأرض، غير أن الأمر لا يسير هكذا، وربما يفسره المحللون العسكريون برقصة الديك المذبوح، وربما يوصف بعبارات عسكرية لسنا في صددها. خسر الحوثي والمخلوع بسبب خرقهما للهدنة، وباتت المقاومة والجيش الوطني على مشارف صنعاء، ومازالا يزجّان بمجانينهما في ساحات القتال، مدجّجين ب«روشتات» الغفران، ومكلّلين بسلاح الفراغ الإنساني، ويحتفظان بزبانيتهما المقرّبين لتقديم المدد «التنظيري» للرعاع المقاتلين. أقلّ ما يمكن أن تفعله القيادة العسكرية – أي قيادة – لمقاتليها بعد قتلهم، جلب جثثهم، وتكريمها بالدفن، بدلاً من تركها في الأودية للسباع الضارية، وما تبقى منها يصبح جيفاً في أحضان الطبيعة التي لوّثتها تلك الروائح العفنة، أمّا الحوثي والمخلوع فهذا سلوكهما المتمثّل في عدم اكتراثهما بأولئك الرعاع القتلى في الشعاب والأودية بروائحهم النتنة. من خلال الحوار الذي ترعاه الأممالمتحدة ممثلةً في مبعوثها ولد الشيخ، هذا الأسبوع، في سويسرا، تظهر العشوائية بين المحاورين، والسطحية السياسية والدبلوماسية في صفوف أنصار الحوثي وأتباع المخلوع، فتارة يختلفون على بعضهم، وتارة يتهمون ولد الشيخ والأممالمتحدة بعدم الحيادية، وتارة ثالثة يصيبهم الجنون من سماع عبارة «بناء الثقة»، أنت تخسر على الأرض وتراوغ على الطاولة، لا شك أنها قمّة الحماقة! إنّ مزيداً من الحوارات وإعطاء مزيد من الهُدَن، من قبل المبعوث الأممي، يولّد مزيداً من الفرص للحوثيين والفلول لرص الصفوف، والتقاط الأنفاس لمرحلة الأرض المحروقة من المعركة.