تنبيه: عزيزي القارئ، هذا المقال ليس في الشأن العام لذا أنصحك بالارتحال لمقال آخر أكثر فائدة وأحسن قولاً. في مثل هذه الأيام وتحديدا في يوم الإثنين الخامس من ديسمبر 2011 كان العدد الأول من صحيفة الشرق وكان مقالي الأول موافقاً لذلك العدد. في ليلة من ليالي تبوك الجميلة وردني اتصال من رقم لا أعرفه وعند الرد كان الأستاذ الكريم الذي تشرفت لأول مرة بسماع صوته تلك الليلة خالد الأنشاصي يحدثني عن الجريدة الوليدة ويطلب انضمامي لكتاب صفحة الرأي، وقد كان همي الأول عندها كيف وصل إليّ وأنا لم أكتب مسبقا ودون علاقة سابقة فكانت إجابته أول درس لي في عالم الصحافة حين قال ضاحكا «الصحفي لا يسأل عن وسائله». وحتى اليوم لا أدري لكن الظن يذهب إلى الرائعين الفاضلين الأستاذ مازن العليوي والجميل عيسى سوادي فقد كنت أكتب بصورة غيرة منتظمة في صفحة «نقاشات» من جريدة الوطن من 2003 وحتى 2005. الممتع في هذه التجربة وبذكر هؤلاء الكرام أنه لا علاقة شخصية تجمعنا ولم نلتق من قبل مما ينقذنا من التهم الاجتماعية كالصداقة والشللية وغيرهما ويضعني في خانة حسن الظن الذي جاد به هؤلاء الكرام ومن بعدهم كل من الفاضلين الكريمين خلقا ومنطقا عبدالوهاب العريض وسعد الفاعور. هذه الأعوام الأربع قد أفلت ولتشرق «الشرق» على سنة خامسة بقيادة الطاقم الموفق بإذن الله لكل خير وأجدني متشوقا لمشاركة القارئ المحترم بعض الأفكار من وحي هذه التجربة. هذا المنبر الذي تفضلت به «الشرق» مثل بالنسبة لي فرصة لخدمة الوطن والمجتمع بالرأي، فقد يمر أسبوع دون تحقيق إنجاز يستحق الذكر على المستوى العملي أو الاجتماعي ليأتي المقال الأسبوعي فيستنقذك من شعور التقصير عبر الكلمة والنقد والمراجعة. من لطائف الكتابة وارتباطها بالصورة الشخصية تعليق أحد الأصدقاء ممن يحسن الظن بما أكتب ويرى أن صورتي في الجريدة عائق ثقافي بسبب «اللحية» ويطلب إما إزالة الصورة أو.. وتبسم وأشار بيده!، وفي المقابل وعندما كتبت مقالات دفاعا عن المرأة العاملة في القطاع الصحي وعن مشكلات الفنيات السعوديات، فإن بعض الزميلات أكدن أهمية صدور هذه الآراء من شخص «ملتح» ليسهم في تحقيق ثقة المجتمع فيهن، وقلت عندها «رسونا على بر» ماذا نفعل باللحية!؟ ويبدو هنا أننا نعاني في مشهدنا الثقافي والاجتماعي من الظاهرة الشعرية -بفتح الشين- وأطلب لذلك تصنيف السكسوكة، وربما يمتد الأمر للمشهد الرياضي فيكون شعارنا «القزع مقابل البطولات»!! وجه لي كثيرون نقداً يتعلق باستفاضة الطرح المتعلق في مجالي الطبي وكأنهم يرغبون -عند تحليل هذا النقد- رؤيتك بصورة مختلفة عن حالتك المهنية. هذا الأمر أراه تفسيرا لفشل يعتري المهنيين في عرض الصورة الثقافية للنواحي الفنية وبمعنى آخر هو انعكاس لنخبوية ثقافة العلم والتخصص واعتزالها المجال النفسي والاجتماعي للناس وهذا خطأ يجب تداركه، وإن كنت أرى طيفا من الكتاب الاقتصاديين نجح في ذلك عبر إضافة البعد الأخلاقي والانحياز للضعفاء كما في ملف الإسكان. من فوائد «الشرق» هذا الإثراء الفكري الذي حصلت عليه من كوكبة كتابها المتميزين -دون مجاملة- بالعمق والتنوع والإبداع. ومن فوائد «الشرق» ترقية حالة الإملاء لدي عبر تصحيح الأصدقاء خلف الكواليس، ذلك أن الاستغراق في اللغة الإنجليزية بسبب المجال العملي أربك عندي الإملاء خاصة في الهمزات فكان درساً مجانياً لاستعادة لياقة الكتابة. إنه شعور جميل حين تعبر كلماتك الوطن من شماله الغربي إلى شرقه ثم تحمله «الشرق» سائر الأنحاء، لا تدري عن وقع كتاباتك لكن تكتفي بكونك انطلقت من شعور ملح بضرورة مشاركة هموم الوطن والمجتمع. أعتذر لمن تواصل عبر إيميل الجريدة فقد فقدت القدرة على ولوجه منذ أكثر من عام لأسباب تقنية فيما يبدو، والشكر لمن تفضل بالثقة والتشجيع، والتحيات ملء عطر الورد ل«الشرق» إدارة وقراء وكتابا.