قبل أيام نشرت صحيفة «سبق» الإلكترونية تقريراً خطيراً، مشفوعاً بأرقام ومستندات صادمة، «يتهم» صندوق المئوية بوجود فساد مالي وإداري مخيف. الأمر لا يزال في طور التهمة، وتعليق مدير عام الصندوق على التقرير لم يفنّد التهم، ولم يرد على أيٍ منها، بل حمل تهديداً بالملاحقة القضائية، وهو ما رحّبت به الصحيفة، كتعبير عن قوة موقفها. العجب العجاب الذي لفت نظري وسأتوقف عنده، ما جاء في تعليق مدير عام الصندوق، الذي بدا وكأنه يحاول ثني الصحيفة عن تبنيها للقضية وإعادة طرحها أكثر من مرة، إذ قال حرفياً: «تقرير الصحيفة يضرب اللحمة الوطنية ويمكّن الأعداء»! يا إلهي! أن يكون صندوق المئوية فاسداً من أوله إلى آخره، أهون من أن يكون هذا التعليق يمثّل قناعة حقيقية لمديره! الوطنية مفهوم ملتبس على بعضهم، وبعضهم الآخر يلوي عنقه ليتخذه سداً بينه وبين أي نقد لتقصيره فيما أوكل إليه من مسؤولية، أو ما عليه من واجب! صار المسؤول المقصّر يتأبط «سيف الوطنية» لينازل كل ناقد ولو كان نقده حقاً أبلج، ولم يفهم أن (الصوت الناقد) المكوّن الأهم من مكونات المواطَنة الإيجابية، التي هي ترجمة عملية للوطنية الصادقة. سنحسن الظن ونقول بأن مدير صندوق المئوية ممن التبس عليه مفهوم الوطنية، ولكن عليه أن يفهم أن حسن الظن سيكون حتى إشعار آخر منه، يتمثل في امتثاله لأمر ملكي صدر منذ سنوات يقضي بإلزام المؤسسات الحكومية، بالرد على ما ينشر في وسائل الإعلام بشكل رسمي. ننتظر من مدير الصندوق بياناً رسمياً يفنّد كل ما نشر في التقرير، بدلاً من التعليق حمّال الأوجه والظنون والرسائل المبطنة! سوى ذلك سيكون الصندوق ومديره وموظفوه في مرمى التهم التي راجت في تويتر، وكان أخفها: (غصّوا ب«اللَّحمة»، فاحتموا ب«اللُّحمة»)!