لقد اعتنى الإسلام بالأطفال عناية فائقة وأولاهم محبة واسعة، فالأطفال هم قرة عين الإنسان في حياته «المال والبنون زينة الحياة الدنيا»، «سورة الكهف الآية 64». فهم زينة الحياة ومتعتها وبهجتها، وأنس العيش وحلاوته فهم الشغل الشاغل في الصغر وعليهم تعلق الآمال في الكبر «والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين»، «سورة البقرة الآية 233». فمنذ أكثر من 1400 عام أوصى الإسلام بالأطفال والعناية بهم فمن حقهم الأول الرضاعة حولين كاملين إلى الوصاية بهم ما داموا في مرحلة الطفولة «يوصيكم الله في أولادكم»، «سورة النساء الآية 11». فكان اهتمام الإسلام بالأطفال مستمراً في كل الأيام والأزمان، أما حديثاً: فقد أوصت الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1954 م بأن تقيم جميع البلدان يوماً عالمياً للطفل يحتفل به بوصفه يوماً للتآخي والتفاهم على النطاق العالمي بين الأطفال نظراً لما يتعرض له الأطفال من قهر وظلم وحرمان وتشريد وإهمال ففي عام 1989م، أقرّ زعماء العالم بحاجة أطفال العالم إلى اتفاقية خاصة بهم، لأنه غالباً ما يحتاج الأشخاص دون الثامنة عشرة إلى رعاية خاصة وحماية لا يحتاجها الكبار. فتمثلت مهمة اليونيسيف في حماية حقوق الأطفال ومناصرتها لمساعدتهم في تلبية احتياجاتهم الأساسية وتوسيع الفرص المتاحة لهم لبلوغ الحد الأقصى من طاقاتهم وقدراتهم. وتتضمن الاتفاقية 54 مادة، وهي توضّح بطريقة لا لَبْسَ فيها حقوق الإنسان الأساسية التي يجب أن يتمتع بها الأطفال في أي مكان ودون تمييز، وهذه الحقوق هي: حق الطفل في البقاء، والتطور والنمو إلى أقصى حد، والحماية من التأثيرات المضرة، وسوء المعاملة والاستغلال، والمشاركة الكاملة في الأسرة، وفي الحياة الثقافية والاجتماعية. وتُلزم الاتفاقية الدول الأطراف بتطوير وتنفيذ جميع إجراءاتها وسياساتها على ضوء المصالح الفُضلى. ولكن ما أريد السؤال عنه والتعقيب عليه هو أين أطفال العالم من هذه التوصيات؟ فوفقاً للمفوضية العامة للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR اعتباراً من العام 2002م كان هناك حوالي 22 مليون طفل مشرد في العالم وهذا طبعاً قبل تشرد أطفال العراق ومن بعدهم أطفال سوريا «عربياً». وفي أوغندا اختطفت الحرب التي استمرت عشرين عاما (1986 – 2006)م أكثر من 35 ألف صبي وفتاة عنوة من منازلهم ومدارسهم وقراهم الأصلية ليتم الزج بهم بأعمال العنف والتعذيب والمشاركة القسرية في أعمال عنف وحشية وفي الدول النامية نجد أن نسبة 33.3 % ليس لديهم مياه شرب آمنة ونظيفة أو معقمة وصالحة للاستعمال، و25 % يفتقرون للسكن المناسب، و20 % يفتقرون لأبسط الخدمات الصحية، و20 % من الأطفال لا يصلون إلى الصف الخامس الابتدائي. وفي المقابل تبلغ ثروة ثلاثة من أغنى أغنياء العالم ما يعادل الناتج المحلي لأفقر 48 دولة وبينما يموت 35 ألف طفل يومياً بسبب الجوع والمرض ويعاني خمس سكان البلدان النامية من الجوع، تقل المساعدات للدول الفقيرة عن طريق الأممالمتحدة عما تنفقه الدول الغنية على غذاء القطط والكلاب في ستة أيام، فقد صدق الرئيس الجنوب إفريقي عندما قال: «العالم اليوم جزيرة أغنياء يحيط بها بحار من الفقراء» ولكن ما صدمني أكثر هو قلق العالم المدهش وحزنه على موت أقل من 400 شخص في الأحداث الفرنسية الماضية وتحطم الطائرة الروسية مؤخراً، في حين وتجاهل هذا العالم المتباكي مقتل أكثر من عشرين ألف طفل سوري على يد حاكم ظالم تدافع عنه الأممالمتحدة، ومقتل مئات الأطفال حرقا في بورما على مرأى ومسمع وصمت الأممالمتحدة ولا ننسى مجازر إفريقيا الوسطى ضد المسلمين التي راح ضحيتها عشرات الأطفال، وهذه الأمثلة على سبيل الذكر وليس الحصر. أين ضمائر العالم الذين يدعون لحماية حقوق الأطفال؟ فنحن ندعوهم أولا لحماية الأطفال وتوفير الأمن والحياة لهم أولا ومن ثم الدعوة لحماية حقوقهم في بلدان العالم كافة، المتقدمة والنامية. وفي الختام أتمنى الحياة السعيدة الهانئة المطمئنة لأطفالنا وجميع الأطفال في العالم، وأؤكد أن تعاليم إسلامنا هي خير وصي على أطفالنا فهي من تحميهم وتصونهم وتحفظهم من العق والضياع، كما أنه يوجد أطفال لإخواننا من البدون الذين لهم معاملات لدى الدوائر الحكومية وهي تحت الإجراء فمن الواجب أن نقوم برعايتهم ومتابعة أوضاعهم فهم ثروة للوطن ويعتبرون من أبناء الوطن، وأن نمنحهم أيضاً حق التعليم العالي.