لا يخفى على أحد أن الموت هو النهاية الطبيعية لكل المخلوقات وصدق الشاعر في قوله من لم يمت بالسيف مات بغيره، تعددت الأسباب والموت واحد، وأحببت أن أسلط الضوء في هذا المقال على سبب من أسباب الموت بعد أمر الله سبحانه وتعالى وهو وسيلة النقل، كيف لا وهي الوسيلة الأكثر فتكاً بالشعوب خصوصاً في منطقتنا؛ حيث يقدر عدد الوفيات حسب إحصائيات 2011 في السعودية أكثر من 7153 ولا شك أننا أمام تحدٍ ورقم كبير إذا ما قارناه بالموت لأسباب أخرى كالحروب مثلًا. وبما أننا أمام مشكلة متعددة الأطراف من حيث المسؤولية أود أن أذكر أن أي معالجة لأي معضلة يجب أن تحدد قبلها المسؤولية المسببة لها ليتسنى لنا أن نقف على حيثيات الموضوع وأسبابه. ودعونا نسأل هل وزارة التربية والتعليم مسؤولة عن حوادث الطرق كما يكتب ويتهم كثيرون؟؟ الأكيد أن التعليم هي رسالة سامية تبذل الدول من أجلها الجهد والمال لتحقيق تلك الرسالة على الوجه المطلوب وبما أن التعليم لا يقوم نجاحه إلا على وجود كوادر وطنية متميزة ومتخصصة. فقامت الدولة ببناء المدارس ورسم المناهج وتعيين المتخصصين لأجل ذلك ولإيصال التعليم لكل أرجاء الدولة. ولكن مع كل هذا الزخم والجهد بقيت مشكلة نقل المعلمات تتكرر كل سنة يذهب ضحيتها كثير من الكوادر الوطنية ومن هنا أعتقد أنه من الخطأ وضع اللوم فقط على وزارة التربية والتعليم بل أظن أنها نظرة قاصرة في فهم المشكلة وجوانبها؛ فوزارة التعليم لديها كثير وكثير من الواجبات الرئيسية التي يجب ألا تقل أهميتها على نقل المعلمات فقط وهذا لا يعني بالضرورة تبرئتها من المسؤولية. أعتقد أننا أمام أزمة إدارة وتحديد المسؤوليات فالطرق ليست مسؤولية التعليم وإنما وزارة النقل تتحمل الجانب الأكبر في المسؤولية لإنشاء طرق آمنة وسليمة وتوفر البنية الأساسية لسلامة مرتادي الطرق بالإضافة إلى إدارة المرور وأمن الطرق هذا من جانب، ومن جانب آخر هل وزارة التربية والتعليم مسؤولة عن البنى التحتية لكثير من المدن والقرى لإيصال التعليم بيسر وسهولة؟؟ من المعروف أن بلادنا حماها الله مترامية الأطراف ويوجد قرى وهجر لا توجد للقليل منها طرق معبدة للوصول إليها ويصعب على أهلها التنقل فضلاً عن وسائل نقل المعلمات وأعتقد أن وزارة التخطيط ووزارة الشؤون البلدية والقروية تتحمل جانبًا من المسؤولية برأيي فيقع على عاتقها وضع الخطط المناسبة لتنمية المدن والقرى التي يدخل في مراحل تطويرها بناء المدارس. والتساؤل الآخر هل وزارة التربية والتعليم معنية بالضرورة بتوفير الوظائف لكل الخريجين في مناطقهم الجواب المعروف هو «لا» لكن ماذا لو قامت وزارة الخدمة المدنية بوضع أسس لتعيين المعلمات لتكون الأولوية لأهل المناطق البعيدة والوعرة بسبب نقص الخدمات لتحقيق المصلحة العامة مع عدم إهمال من يرغب بالعمل ولو خارج منطقته راضيًا بما هو صعب في التنقل. نحن أمام معضلة ليست أصعب من المعضلات التي استطاعت الدولة وفقها الله حلها ولكن المشكلة في رأيي هي مشكلة إدارة في المقام الأول ثم مشكلة تحديد مسؤولية ثم مشكلة متابعة تنفيذ الخطط السابقة. إذا ما الحل؟ في رأيي المتواضع أرى أن تكون هناك لجنة دائمة من وزارة التربية والتعليم ووزارة النقل ووزارة الداخلية ووزارة التخطيط ووزارة الشؤون البلدية والقروية ووزارة الخدمة المدنية لدراسة وإيجاد السبل المناسبة لتكوين رؤية واضحة تستطيع من خلالها تلك العناصر الوقوف على أسباب المشكلة وتحديد المسؤولية وتذليل الصعوبات ووضع أسس عملية كل فيما يخصه. فالجميع يتذكر مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله لتطوير التعليم الذي أكد في العام الماضي أن هذا العام سيوكل لشركة «تطوير للنقل» مهمة نقل المعلمات للأماكن البعيدة والوعرة بكل أمن وسلامة. فهل هذا المشروع ما زال قائماً!!