لم تستطع الصحف الورقية أن تقف في مكانها في مواجهة المارد الحديث، وهو الإعلام الإلكتروني، أو ما يسمى بالإعلام الجديد الذي غير خارطة الإعلام في العالم بأثره، مما يتطلب تغيير فكر وسياسات قطاعات العلاقات العامة والإعلام في مختلف الجهات، سواء كانت حكومية أو خاصة، لتبحث عن متخصصين يعملون بمهنية عالية وفق خطط مدروسة، وبرامج تتوافق مع سياسات ونهج كل قطاع على حدة، ليتناسب مع هذه المرحلة التي نعيشها، والمستقبل الذي ينتظرنا، وهو سيشهد تغييرات مستمرة وسريعة في القطاع الإعلامي بمختلف مجالاته، وقد تظهر صور جديدة للإعلام في العالم. فاليوم نلحظ كافة الصحف الورقية تمتلك مواقع إلكترونية، ومعظمها بدأ يدخل خدمة الأخبار المباشرة، فضلا عن تقديم اشتراكات للعناوين الإخبارية عبر الهاتف المتنقل، بل امتد الأمر إلى صفحات التواصل الاجتماعي «فيس بوك، تويتر» وكل ذلك بهدف مواكبة التطورات التقنية الهائلة التي انتشرت في العالم. وأضرب مثلا بموقع «فيس بوك» ودوره في إنجاح التغييرات التي حدثت في تونس ومصر، ولجوء حكومات هذه الدول في وقت متأخر إلى استخدام هذه البرامج التواصلية، والمواقع الإلكترونية للتواصل مع شعوبها، وقبل التغييرات كانت الحكومات تتواصل مع شعوبها من خلال وسائل الإعلام التقليدية، سواء كانت الصحافة الورقية أو التليفزيون الرسمي، دون الاهتمام الكافي بالصحافة والإعلام الإلكتروني الحديث، وكان البعض عندما يسمع عن هذه الأدوات الإعلامية الجديدة لا يمنحها قدراً ولو ضئيلاً من الاهتمام. أعتقد أن هذه المرحلة، والمستقبل القريب والبعيد، يحتاجان إلى إعادة نظر شاملة لتطوير الأداء الإعلامي في كافة الجهات، وسيأتي اليوم الذي ستكون فيه إدارات الإعلام والعلاقات العامة هي الإدارة الأولى بالنسبة لمسؤولي المنشآت الخاصة أو الحكومية، نظراً للتطور الكبير الذي تشهده الساحة الإعلامية بفضل التغير والتحديث المتواصل في القطاع التقني والاتصالي الذي ينعكس مباشرة على الإعلام بكافة صوره. وقد أجاد وزير الثقافة والإعلام السعودي الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة عندما قال منذ أيام على هامش جلسات ملتقى اللقاء الوطني التاسع للحوار الفكري في حائل تحت عنوان «الواقع وسبل التطوير» إن الإعلام الجديد سيصبح بعد فترة قصيرة قديماً، نظراً للتطور السريع، بعد أن أصبح كل شخص قادراً على تمرير المعلومة دون حواجز، وأن الإعلام الجديد «شبابي» بمعنى الكلمة، وينطلق من الشباب ويتوجه إليهم، وهم الفئة الأكثر تفاعلا، ووفق الإحصائيات فإن 51 % من السعوديين يصلون إلى المواقع الإلكترونية عبر أجهزتهم المحمولة، ولهذا لا يتعاطون مع الإعلام الحكومي بفاعلية، خاصة وأنه لا سيطرة لأحد على الوسائل الحديثة. إننا نرى دائرة الإعلام الجديد حالياً قد اتسعت، حيث تحول كل شخص إلى محرر وصاحب رأي وفكر، وهذا لا يجعلنا كمتخصصين في المجال بألا نستسلم ونترك الإعلام الجديد يتحول إلى نوع من الفوضى في ظل التقدم التقني، بل يتطلب منا وضع خطط طموحة، وبرامج مدروسة لمجابهته، تبدأ بالتأهيل البشري والفكري، وتنتهي بالشفافية والوضوح، لدحض الشائعات بالحقائق، وتسخير هذه التقنية الحديثة لإيصال المعلومات الحقيقية إلى المجتمع، لمواجهة الأفكار المنحرفة والهدامة، والاستفادة من توظيف هذا الإعلام الجديد لتحقيق أهداف المجتمع.