الخير كل الخير هنا أن تتكامل المسؤوليات بين الزوجين وتتعاضد، ويساعد أحدهما الآخر في حمل بعض من مسؤوليات الطرف الآخر في حالة المرض أو الانشغال الضروري فهو جزء لا يتجزأ من التكامل الصحيح حتى لا يقع الخلل في منظومة الأسرة مما يعطل مسيرتها. وحتى نعطي مزيداً من الواقعية على ذلك نطرح بعضاً من صور « إهمال الأزواج» لواجباتهم الأسرية ككثرة الاعتماد على السائقين والسماح لهم بالخلوة مع الزوجة والبنات والأبناء رغم قدرة الزوج على القيام بذلك إذا وُجد بعض التنسيق مع الزوجة للقيام بتلك المشاوير في أوقات تناسبهما معاً، كتخصيص يوم لمستلزمات العائلة يكون عادة في نهاية كل أسبوع بعد الترويح للأسرة يتم فيه قضاء متطلباتها للأسبوع المقبل أو الشهر المقبل وهكذا. إحدى الزوجات تقول: أتكفل بكل شيء في المنزل حتى لو كسرت «لمبة» أقوم بشراء غيرها وتركيبها، وأستبدل أسطوانة الغاز أفضل من أن أركض إلى غرفتي وأجعل الحارس يدخل بالأسطوانة للمطبخ!! حتى بعض أمور السباكة أُصلحها. ربما تبدو الصورة السابقة من الأمور السهلة التي لا مشكلة من قيام الزوجة بها عند البعض؛ لكن ألا ترون فيه بداية خطيرة لوجود تقصير من الزوج يسبب المشكلات، فالمرأة تريد المشاركة من زوجها لا أن تكون هي الطبّاخ والسبّاك والكهربائي. نعلم يقينا أن قدوتنا صلى الله عليه وسلم كان خير الناس لأهله، وكان حين يكون في بيته لا يأنف أن يقوم ببعض الأعمال فكان كما ورد في مسند الإمام أحمد عندما سُئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عنه صلى الله عليه وسلم وهل يعمل في بيته فقالت: نعم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخصف نعله، ويخيط ثوبه، ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته. إن روعة التكامل تكمنُ في المشاركة والتعاون والتفكير بذكاء لوضع آلية مشتركة لتلبية احتياجات الأسرة منهما دون التسبب بضغط على طرف دون آخر أو إرهاق للزوج بكثرة الطلبات والمشاوير وسدّ مكان كل طرف للطرف الآخر عند الضرورة، والاقتناع من الأزواج بأن التكامل مطلوب، ولا يحطُّ من قدره كرجل في المنزل ويقوم بهذا التكامل دون تعالٍ أو منّةٍ منه على أحد، فهو عندما يشارك زوجته وأبناءه هموم يومهم ويبحث عمّا يعكر صفو حياتهم أو ما يعترضهم من مشكلات، أو ما يربيه ويغرسه فيهم من آداب وأخلاق فإنه بهذا يقوم بأداء واجب المسؤولية التي كُلِّف بها تجاههم، ويبني فيهم كل القيم العليا التي يحتاجونها وينعم معهم بروعة التكامل والمشاركة التي تجلب السعادة والألفة. وأن تعلم الزوجة أنها صمام أمان لهذا البيت، وأن إهمالها لتربية أبنائها، وتضييع جل وقتها في مهاتفة الصديقات ورسائل الواتسآب، والانشغال بها عن رسالتها السامية كأم وزوجة هو إهمال وتفريط في مسؤوليتها يؤدي إلى ضياع الأسرة لما تفتقر إليه كثير من الزوجات من سياسة منظمة وثابتة في المنزل، وحنكة وذكاء تستطيع بهما كسب زوجها، وتحقيق الاستقرار للأسرة. ولا تعميم في كلامي، فكما أن هناك نماذج سيئة فهناك -بلا شك- نماذج حسنة؛ لكن ذلك لا يعني أن نغضّ الطرف عن وجود المشكلة ونتركها حتى تتفاقم وتعكر صفو الحياة، فالإهمال داءٌ آخذ في الاستفحال لاسيما مع دخول كثير من شبابنا، وبناتنا إلى معترك الحياة الزوجية وهم يفتقرون إلى التأهيل الجيد لها، ولا يدرك كثير منهم عنها إلا بضعة أفكار قرأها من العم «جوجل» أو توصيات والدية بسيطة. إن دورات وبرامج التأهيل ومحاضرات الدعاة والمصلحين ينبغي أن تبتعد عن المثالية، وتضع يدها على الداء بكل واقعية وتجرد ويكون الهدف منها محاربة الجهل في فكر الشباب والفتيات، وإمدادهم بأسسٍ، وقواعدَ، ونماذجَ تفيدهم وهم يضعون أقدامهم الغضة على أولى درجات سلم الحياة الزوجية.