كثيراً ما أقدم اعتذاري عن المشاركة في برامج تليفزيونية لمناقشة إحدى قضايا المستهلك، بل إنني بت مقلاً جداً في الظهور الإعلامي التليفزيوني والإذاعي خلال العامين الماضيين الذي لم يتجاوز ظهوري خلال العامين الماضيين إلا مرتين أو ثلاث مرات فقط. وهذا مرده إلى أن بعض القنوات الفضائية تريد أن تحشو ساعاتها بأي شيء دون الاهتمام بجودة المحتوى، والدليل هو ضعف المحاور وعدم الدراية الكاملة من المعدين وحتى المقدمين لما سيطرحونه أو يناقشونه، بل إن الغالبية منهم لا يكلف نفسه بالبحث لا عن خلفية القضية فحسب، بل إنهم يفتقدون إلى «ألف باء» المستهلك، فهم يخلطون الحابل بالنابل ولا يكادون يفرقون بين جهات حكومية وأخرى أهلية ولا بين التقليد وبين الغش التجاري. هناك حالة من الفوضى وعدم التخصص أو الفهم الدقيق أو الصحيح لقضايا المستهلك ممن يعملون في المجال الإعلامي. بل إن هناك تخبطاً في عدم دقة أو صحة ما يقال أو يكتب أو يبث، بالإضافة إلى شيوع أو سيطرة الكلام الإنشائي المغلف بالتسطيح للقضايا المطروحة في الأغلبية الساحقة من المقالات الصحفية والمقابلات التليفزيونية. إن الأغلبية العظمى من الذين يقومون بالإعداد لقضية تناقش أمام الملأ يتمتعون بخلفية علمية وتأهيلية ضعيفة في مجال المستهلك حيث إنهم يتكلمون بالعموميات والسطحيات والشكليات فقط. هذه الظاهرة الإعلامية أدت إلى تشويه وتشويش آراء ومواقف المستهلكين حول القضايا التي تهم المستهلك الحقيقي. بل وتشويه رسالة المستهلك إلى صانع القرار.