لم يعد صعبا أن تصبح شخصا مشهورا تتهافت القنوات والجهات الإعلامية على استقطابك، ويراك عدد مهول من متابعيك شخصا ذا قيمة عالية فكل ما يحتاجه الأمر هو إنشاء حساب على سناب شات أو انستجرام ثم جمع أكبر عدد من المتابعين بكل الطرق الممكنة ولو عن طريق «الشراء» ثم ابتكر لنفسك أمرا يمكنك التشدق بمعرفته ليل نهار وستصبح مشهورا في غضون أيام بل وربما بطلا من أبطال برامج التواصل الذي ينافس أقدم الأبطال في عدد المتابعين وعدد الإعجابات ورسائل الثناء. والمشكلة ليست في تزايد أعداد المشاهير بيننا وإنما في نوعية ما اشتهروا به من أمور قد لا يكون لهم فيها أي تخصص أو خبرة أو في جوانب تافهة لا تتطلب التخصص والخبرة من الأساس. والآن لم تعد الشهرة وسيلة للوصول إلى هدف أو إيصال رسالة معينة كما كانت في السابق، إنما أصبحت هي الهدف بذاتها بعد أن أصبحت سهلة المنال لدرجة كبيرة فمن مشاهير اللحظة من اشتهر بانخفاض مستوى الذوق في كلماته وجرأته اللامسبوقة في طرق كل باب محظور ذوقيا، ومنهم من اشتهر ببطالته وعدم نفعه لفعل أي شيء سوى التشبث بالجوال واستجماع الضحكات والتعليقات الفارغة وتستمر سلسلة صناعة نماذج اجتماعية غبية في الامتداد يوما بعد الآخر ويستمر معظمنا في تكوين وصناعة تلك النماذج بمجرد «لايك» أو اشتراك أو متابعة. والأدهى من ذلك خروج عينات مقلدة لتلك النماذج ما يوحي بتأثير الأمر ووصوله مستوى الاقتداء والإعجاب المجرد من المضمون الإيجابي، وسيستمر السذج والباحثون عن الشهرة لذاتها في التزايد مادام هنالك من يصفق لهم ويصنع منهم قدوات اجتماعية تستحق المتابعة والإعجاب.