لا شك أن النقد وسيلة من وسائل التقويم والمعالجة إذا استخدمت بالشكل الصحيح، ودعوني قبل أن أكتب رأيي في نقد القضايا الاجتماعية المختلفة، أن نذهب إلى تعريف النقد لنستطيع الوصول إلى نقطة التقاء نخرج منها بفائدة. النقد لغة هو أصل صحيح يدل على إبراز الشيء وبروزه، واصطلاحا هو تعبير عن موقف كلي متكامل في النظرة إلى عموم الموضوع عبر القدرة على التمييز، ويعبر منها إلى التفسير والتعليل والتحليل والتقييم. والنقد يمارس من حيث أهلية الشخص العلمية والعدالة والثقة. ومن هنا أعتقد أن النقد عندما يكون مسبوقا بإنجازات المنقود قبل نقد أعماله، ربما تكون أجمل وأوفق للنقاش والقبول، ومن خلال قراءاتي المتواضعة لأقلام بعض الكُتاب على المستويات الاجتماعية، أجد أنهم يسلطون أقلامهم على نقد صناع القرار التنفيذيين على المستوى الاجتماعي، دون ذكر لإنجازاتهم أو على الأقل لا يطرحون بدائل ولا يقترحون حلولا أكثر نجاحا على ذاك المستوى. لذلك أجد أن بعض النقاد الاجتماعيين يذهبون في تحاليلهم إلى مرحلة الجدل، التي تكون بالأخذ والرد مع تغييب الطرح والبدائل، فعندما يبدأ أحد بتسليط الضوء على معضلة تخص الجانب الاجتماعي على مستوى البلديات مثلا، تجد أن تصوير المشكلة وتوظيفها للصالح العام (والخاص أحيانا) مميزا بألفاظه، متماسكا بمعانيه، متناسقا بطرحه، بعيدا عن طرح الحلول والبدائل له، متناسيا كثيراً من الأعمال الواجب القيام بها من الجهات المسؤولة، قبل القيام بأي عمل حكومي. ولا يخفى على الجميع أن أغلب الأعمال الحكومية تمر بدائرة من الإجراءات التنظيمية، التي لا تخرج من عناصر القوى الوطنية بطريقة أو بأخرى، التي يخصص من أجلها مخصصات مالية ووظيفية، ترسم بعدها الخطط التنفيذية ترتب حسب الأهمية والأولوية. لذلك أعتقد أننا بحاجة إلى مزيد من الاطلاع على كثير من الإجراءات التنظيمية قبل نقد أعمال الإدارات الحكومية، لتتبين الصورة وتكون أكثر وضوحا، وصدق الله العظيم في قوله (وكان الإنسان أكثر شيء جدلا) الكهف آية 54.